الثورة – دينا الحمد:
وتعود أميركا إلى سياسة اللعب بالنار، وتوتير الأجواء في محيط روسيا الإقليمي، وتعود إدارة بايدن لتكرر السياسات ذاتها نحو موسكو فيقول الرئيس الأميركي إنه أعد مبادرات لحماية أوكرانيا مما سماه (هجوماً روسياً) محتملاً عليها، وأن هذه المبادرات ستجعل من الصعب جداً بالنسبة إلى بوتين أن يفعل ما يخشى الناس أن يفعله.
هكذا إذاً تحرف واشنطن الحقائق وتقلب الوقائع، ولا تكتفي بذلك بل تقود حملة دعائية وسياسية غربية تتهم روسيا بحشد قواتها على الحدود مع أوكرانيا وذلك من أجل تبرير توسع حلف الناتو باتجاه الشرق ونشر الصواريخ النووية على مقربة من الحدود الروسية، مستغلة توتر العلاقات الأوكرانية الروسية منذ الانقلاب الذي نفذه متطرفون موالون للغرب عام 2014 وأسفر عن تغيير السلطة الشرعية المنتخبة في أوكرانيا.
ومن يراقب تأجيج الأوضاع في محيط روسيا وما يجري في أوكرانيا يدرك أن الأمور لا تنفصل عما يجري في العالم كله من سياسات أميركية تصعيدية، فأصابع أميركا والغرب وإسرائيل يجدها في كل مكان من أوكرانيا إلى سورية وليبيا والعراق واليمن، من أجل تحقيق مصالح هؤلاء الاستعمارية، غير آبهين بالقوانين الدولية ولا الشرائع الإنسانية والأخلاقية، وغير مكترثين بمقتل الأبرياء وتشريدهم وتخريب المجتمعات وتدمير الدول.
اليوم خطوات أميركا في أوكرانيا هي ذاتها فهي تروج أنها تدعم استقلال هذه الدولة وحرية شعبها، والكثير من السذج في هذا العالم يصدقون مزاعمها تلك، مع أن تحركاتها في ما يعرف بدول “الطوق الروسي” وإثارتها للأزمات هناك، ودعمها لما يسمى “الثورات الملونة” يفضح إدعاءاتها وأكاذيبها، ويكشف أن هدفها هو تطويق روسيا بالأزمات وافتعال المشاكل بينها وبين جيرانها، وحصارها ودفعها للموافقة على الشروط الأميركية المتعلقة بأكثر من أزمة عالمية.
اليوم تدعي واشنطن أنها أعدت مبادرات لحماية أوكرانيا مما زعمت أنه هجوم روسي محتمل ما يشير إلى أن الأوضاع في أوكرانيا تتجه إلى التصعيد من جديد بفعل العامل الأميركي والغربي، والعالم يتخوف من هذه السياسات الرعناء، وكلنا يذكر تصريح وزير الدفاع الأميركي مؤخراً الذي وصف ما يجري في أوكرانيا “بالعدوان الروسي”، وأن واشنطن لن تترك أوكرانيا وحدها في مواجهة روسيا، ما استدعى رداً قوياً من الكرملين، مفاده، وبالمختصر المفيد، لن تنفعكم سياسات التهويل والتهديد والوعيد، وعليكم في واشنطن وأدواتها الأوروبية ودماها في كييف أن تدركوا أن موسكو لن تسمح بوجود عسكري أميركي على حدودها، ولن تسمح بتكرار سياسات أميركا في أكثر من منطقة عالمية وأدت إلى الكوارث والمآسي.