الثورة – يمن سليمان عباس:
صحيح اني لم أعش من سوء حظي طفولة طويلة في القرية ومعرفة أسرار الشتاء وحكاياه التي غالباً ما كانت تسحر الألباب لا سيما الفتية الصغار..
أسلوب الحكايا يختلف من الأم إلى الأب أو الجد والجدة فكل منهم له أسلوبه الجميل وقدرته على إبراز عناصر التشويق التي غالباً ما تمتد بقاياها ليوم ثان على طريقة شهرزاد.
كانت حكايانا في مصياف تركز على بطولة أبي علي شاهين بمواجهة الإقطاع وأيضاً مواجهة الفرنسي الذي كان يأتي القرى غازياً وناهباً يبقى على صهوة فرسه أو خيله ويصدر الأوامر التي تعني جمع الدجاج أو القمح أو التين المجفف وغير ذلك.
ومن الجميل أن جدتي رحمها الله قد عاشت أكثر من مئة عام.. جدتي دلة أم سلمان كما روت لنا كانت عائدة من جبل الأرز “الميمنة” وعلى رأسها حملة حطب حين التقت وجهاً لوجه بأحد هؤلاء.. من هول المفاجأة كما قالت صارت تبربر بكلمات لا تعرف حرفاً منها وتضحك قائلة: من شدة الخوف حكيت فرنساوي..
اليوم تغادرنا الكثير من الحكايا والمرويات الشفوية التي يجب أن تدون لتبقى إرثاً للأجيال.. الكثير من تفاصيل الحياة البسيطة السابقة نفتقدها اليوم لأننا افتقدنا أركان وجودها.
ثمة من قال إن أهل الريف عادوا إلى موقد الحطب ولكن هل عادوا إلى حكايا الألفة والدفء التي نعرفها.؟
قد تكون حكايا مصاعب الحياة هي التي تروى لكني سوف أبقى أتذكر أن جدتي كانت دائماً تقول لنا: نيالكم أبناء هذا الجيل لم تروا شيئاً من التعب..
كم نتوق لأن نقول لأحفادنا العبارة نفسها ولو قرب أي موقد .