رؤية
الثورة :فاتن أحمد دعبول
كما يفعل المعنيون بالشأن الثقافي بشكل عام والمهتمون باللغة العربية على وجه الخصوص، في كلّ عام يقومون بالاستعداد للاحتفال باليوم العالمي للغة العربية، ويحضّرون للندوات والنشاطات ويقفون فيما يقدمونه عند أهمية اللغة العربية وضرورة الحفاظ عليها، وخطورة التحديات الداخلية والخارجية التي تواجهها، وعقوق أبناء جلدتها لها، والأسباب المباشرة وغير المباشرة التي تجعل من اللغة العربية بعيدة عن الاستخدام اليومي بالطريقة الصحيحة، وخصوصاً في المدارس والجامعات، فما تزال العامية تتصدر أحاديثنا، والأخطاء تغزو كتاباتنا.
ولكن هل يكفي أن نصم الآذان بتوصيات وقرارات دون أن تلقى هذه القرارات والتوصيات آذاناً صاغية؟ وهل حقاً تأتي هذه الندوات والفعاليات التي تعتلي المنابرأكلها وتترجم واقعاً حياً في مؤسساتنا الرسمية وفي مراسلاتنا وفي إعلاناتنا الطرقية؟
ربما الواقع يشير بأن لغتنا ليست بخير في ظل اقتحام العولمة حياتنا ومحاولتها طمس هويتنا، وقبل كلّ شيء تشويه لغتنا، وهذا ما نلاحظه عند أبناء هذا الجيل في لغتهم الحوارية على” التشات” في أجهزتهم الذكية، وكيف يستخدمون لغة لا تمت للغة العربية بصلة، فهم يمزجون بين اللغة العربية والإنكليزية واللاتينية، حتى تضيع ملامح لغتهم الأم، ظناً منهم أن لغتهم قاصرة عن إيصال أفكارهم ومشاعرهم وأحاديثهم، وهذا بدوره يحملنا مسؤولية كبيرة تجاه جيل كامل من الشباب الواعد، للنهوض به وبث الوعي في صفوفه، حتى يكبر وفي قلبه حب اللغة ومعرفة من هم أعداء اللغة الذين يحاولون مسح وجودها أو تهميشها.
ولا شك أن جهوداً كبيرا تبذل من أجل حماية اللغة العربية وتمكينها لدى الأجيال عبر مؤسساتهم التعليمية، ومجمع اللغة العربية يواصل طباعة المصطلحات الجديدة وتعريبها، كما وتقوم لجان التمكين بدورها، ولكن التحديات كبيرة وتحتاج لخطة استراتيجية عربية ضمن مشروع قومي للنهوض باللغة العربية، وتكريس اللغة العربية في المدارس والمعاهد والجامعات وتفعيل الحوار باللغة الفصحى.
لغتنا العربية” سيدة اللغات” فلنجتهد أن نتحدث العربية، فهي قلعتنا الحصينة للذود عن هويتنا وذاتنا الثقافية ووحدتنا القومية، ولنردد مع الفيلسوف الفرنسي باسكال”إن لغتي هي وطني”.