يتحدثون عن قمة عربية مرتقبة.. في ظل الجامعة العربية، كان ذاك الاسم عند تأسيسها عام 1945 عبر سبع دول، نهج سياسي يؤسس لأنظمة جادة تحقق هدف الإنشاء في اعتبار الوطن العربي جسداً واحداً وفلسطين قطراً لا يمكن فصله عن الأمة العربية وقضيتها في قلوب العرب فهي القضية القومية التي يعمل على استقلالها كل العرب.
خطر الصهيونية العالمية يتعدى فلسطين إلى كامل الأمة العربية والإسلامية. إلا أنها ترمي بثقل أدواتها الحادة على هامة القضية الفلسطينية، موهنة أهدافها المضمرة من المنهجية البريطانية؛ أساس الاستعمار العالمي وقد اخترقت قمم الجامعة العربية عبر دولها الضعيفة.
بدأت معاول الصهيونية الحادة تناهض جيل نشأة الجامعة العربية، حيث أحست أنه يتمتع بوعي نوعي حول طبيعة الصراع العربي الصهيوني.. فعملت على رسم منهجية تجعل من نكسات الحروب مخدراً ينال من عزيمة الأمة، فتتوسع وتتعمق بعدها التبعية للصهيونية..
كان جيل نشأة الجامعة أكثر تأثيراً في حكامه والكيان المحتل.. ويُخشى من خروجه إلى الشارع. ما جعل العدو يسعى لاستنزاف ذاك الوعي المقلق. فالشعب يَنفث مع كل زفرة سايكس بيكو المفروضة عليه واقعاً غير حميد. وهو يرفض بتر فلسطين من الجسد العربي.
لذا كانت تحقن جرعات التراجع عن المواقف من القضية الفلسطينية، وتزداد من خلال نتائج القمم المتتالية، وقبل انتهاء مفعول الجرعة السابقة.. فهي الأداة الأكثر حدية، كونها ممزوجة بالكذب والنفاق، وعدم الاهتمام بالفشل، بعد أي نكسة أو مرحلة تتعطل فيها الأمة.
بدأت قرارات الجامعة العربية تتراجع إلى أن فَرغت من المضمون الأصيل الذي تشكلت من أجله.. بل أصبحت منفذاً للاستسلام الذي تتضح معالمه، باستقبال صفقة القرن التي نعتبرها فشلت، لكن في حقيقة الأمر أنها أدّت لانبطاح بعض الحكام على عتبة بني صهيون.
تعلمنا أن من يُبتلى بمعصية يستتر.. اليوم أصبح العهر السياسي مكشوفاً، لا يلامس الحياء ولا يغشاه الخجل.. فقد أدمن الشعب العربي ومعظم حكامه حل الدولتين المزعومتين، الذي أصبح لِبانة تمضغها الأفواه دون طائل.. يحميها التجويع والبطالة والفقر والصمت المبهر..
الخيانات المتوالية سراً وعلانية باتت تذهل الشعب العربي؛ وأحرار العالم من مناهضي الصهيونية، على أنها جوهر التمييز العنصري، كما أن قرارات القمم ماهي إلا كلام يخدع الشعب العربي. فهي لم تقدم شيئاً لصالح فلسطين وشعبها. ولا براءة لأي موقف ينتج عنها.
الجامعة العربية (سندريلا) اليتيمة، تراجعها كان مبرمجاً في الجوهر والشكل، من خلال حرب ذكية شنت عليها. تُوَسِّعُ وتعمق تبعيتها للصهيونية. حيث لم تعلن دقات الساعة الثانية عشرة لتهرب سندريلا ويقع حذاؤها الصغير.
قرارات القمم لم يخالطها الفشل البريء يوماً، ما أرسى حالة تكريس الاحتلال؛ عبر نتائج حثيثة متدرجة بعيداً عن مراحل بعينها.. فقد كانت قنابل موقوتة، تنفجر في زمن محدد لها. يمتص مشاعر الغضب لسنين عبر تطور أدوات الحرب الذكية لتعميق هدر السيادة الوطنية
العامل الوحيد الذي كان يدعو سورية للحضور هو العمل على لجم ما يمكن أن يَهدر الحق الفلسطيني في الأرض وللشعب.. رغم مقاطعتها لبعض القمم.
إضاءات -شهناز صبحي فاكوش