الثورة – وكالات:
ظاهرة التشرد تتفاقم في بريطانيا بصورة مأساوية، وقد اعتبرها بعض السياسيين بأنها عار على بريطانيا صاحبة أكبر اقتصاد في العالم، حيث يعيش عشرات آلاف الأشخاص حياة قاسية في الشوارع، وقد كشفت دراسة أجراها مجلس العموم البريطاني مؤخرا أن معدل الانتحار بين المشردين الذين ينامون في الشوارع أكثر من تسعة أضعاف المعدل بين الآخرين، وأن متوسط عمل المشردين يبلغ 47 للرجال و43 للنساء، ورغم هذا الواقع اللا إنساني فإن الحكومة البريطانية لم تتخذ أي إجراءات فعلية للتقليل من هذه الظاهرة.
وفي تقرير جديد لصحيفة الاندبندنت حذر خبراء من أن حياة آلاف الأطفال معرضة للخطر بسبب طرد أسرهم من منازلها هذا الشتاء، وبحسب التقرير فإن بحثا أجرته جمعية “شيلتر” (مأوى) الخيرية المعنية بقضايا الإسكان وجد أن 126 ألف طفل هم من بين الأشخاص المشردين في إنكلترا الذين يتجاوز عددهم 274 ألفاً.
وتقول الجمعية إن واحداً من بين كل 206 أشخاص في إنكلترا يفتقد إلى وجود منزل، محذرة من “موجة متصاعدة” في عدد الأشخاص الذين يُطردون من منازلهم بعد انتهاء “الحظر” المؤقت على عمليات الإخلاء الذي فرضه وباء كورونا، وأن الأعداد آخذة في الارتفاع، فوفقاً لحسابات الجمعية الخيرية، هناك 10 آلاف أسرة إضافية فقدت منازلها هذا الصيف، وتعيش في مساكن مؤقتة مقارنة بما كان عليه الحال قبل عامين، بزيادة قدرها 12 في المئة، رغم مخطط الحكومة الذي يحمل عنوان “مساكن للجميع” والهادف إلى ضمان عدم اضطرار أي شخص للنوم في ظروف صعبة أثناء الوباء.
وفقاً للمتخصصين، ستؤدي زيادة التضخم وانخفاض المدخول وتخفيض أعداد المرشدين الصحيين إلى زيادة أعداد الأطفال الذين يدفعون ثمن أزمة التشرد.
وبحسب تقرير الصحيفة، يقول دان باسكينز، مدير التأثير في فرع بريطانيا لمنظمة “سيف ذا تشيلدرن” (حماية الطفولة) الخيرية: “يجب ألا ينشأ أي طفل بلا مأوى، ويعد قضاء 126 ألف طفل في إنكلترا أعياد الميلاد من دون منزل أمراً مروعاً … نعلم أن كثيراً من الأهالي يواجهون ارتفاعاً في فواتير الطاقة وأسعار الطعام والمواصلات، وينفقون المزيد على الضروريات التي يفرضها الشتاء مثل التدفئة والملابس الدافئة. كل هذا يؤدي إلى ضربة قاسية تتمثل في انخفاض الدخل وارتفاع التكاليف… لمسنا بالفعل معاناة الأسر الناجمة عن تخفيض المساعدات الحكومية 20 جنيهاً إسترلينياً في الأسبوع، وذلك بالتزامن مع عدم قدرة المجالس المحلية على دفع بدل إسكان يواكب ارتفاع الإيجارات”.
بدورها قالت أليسون غارنهام، الرئيسة التنفيذية لجمعية “تشايلد بوفيرتي أكشن غروب” الخيرية: “قد تصبح الصورة أكثر قتامة مع ارتفاع تكاليف المعيشة وتقليص المساعدات الحكومية، وستبقى صحة الأطفال وتعليمهم وفرصهم في الحياة معرضة للخطر إلى أن تتصدى الحكومة لفقر الأطفال وتستثمر في مساكن اجتماعية ميسورة التكلفة بالفعل”.
أما بيتر كيمب، أستاذ السياسة العامة في كلية بلافاتنيك الحكومية بجامعة أكسفورد، فيقول وفق تقرير الصحيفة بأن أحد الأشياء العملية التي يجب على الحكومة القيام بها هو حظر عمليات الإخلاء “من دون ذنب” في سوق الإيجارات الخاصة، مشيرا إلى أن ذلك الأمر لن يتطلب إنفاقاً إضافياً من الأموال العامة وقد يوفر بالفعل المال للسلطات المحلية، التي تتحمل مسؤولية إعادة إسكان العائلات المشردة التي “خسرت منازلها بشكل غير متعمد”.
يشار إلى أن جمعية «شيلتر» قد أوضحت في وقت سابق أن “أزمة التشرد نشأت بسبب الإيجارات الباهظة الثمن، وتقليص الرفاهية الاجتماعية، والافتقار الشديد إلى الإسكان الاجتماعي». مضيفة: «نحن نرى المعاناة التي تسببها بالنسبة للأسر المحبوسة في بيوت الضيافة المؤقتة والضيقة، وأولئك الذين اضطروا إلى تحمل مخاطر النوم في العراء، ولوقف هذه الظاهرة يجب على الحكومة أن تضمن بدل الإسكان بما يكفي لتغطية تكاليف الإيجارات، وتكثيف جهودها على وجه السرعة لبناء المزيد من المنازل الاجتماعية».
