الثورة – يحيى الشهابي:
“احترم العجزة والسيدات وكبار السن” ..”أفضلية الجلوس للسيدات وكبار السن” ..عبارات أثارت انتباهي في أكثر من واسطة نقل جماعية وما أدهشني حقاً أن تلك العبارات لم تلق أذنا صاغية ولا عينا ناظرة بل كان التجاهل لها سيد الموقف ربما كان بسبب عدم الانتباه اليها وأحياناً تجاهلها.. وبنظرة سريعة داخل تلك الوسائط كان أكثر الواقفين من كبار السن والسيدات وبعضهن كنً يحملن أطفالاً في سن الرضاعة يتمايلن مع حركات الباصات أحياناً البهلوانية بينما الشباب وخاصة المراهقين يتسمرون على الكراسي وهم إما غير مبالين أو يعتمد البعض إلهاء النفس بالجوال أو بالنظر الى الخارج، وبعضهم الآخر يتظاهر بالنوم إلا من رحم ربي وهذا إن دلّ على شيء فهو يدل على أن البعض من ابنائنا وشبابنا اليوم قد فقدوا أو أغفلوا قيمة ًوفضيلة كانت تتمتع ببريق وضّاء لامع في الأجيال السابقة أو أن التغيرات التي حصلت في عصرنا الحديث قد أفقدت قيماً كانت مصدرا للافتخار والرقي. ومن اهم هذه القيم هي قيمةٌ الاحترام.. احترام الذات واحترام الآخر .
هذه الفضيلة من القيم المهمة والتي تدل على ارتقاء البشر ودخولهم في طور اجتماعي إن نمّ على شيء فهو ينم عن فهم لطبيعة الحياة الاجتماعية الكريمة.
تكريم
الأستاذ وائل بدر مدرس اللغة العربية يرى أن كلمة الاحترام كما هو مبين في أحد المعاجم اللغوية كان العرب يطلقونها على التكريم فتقول العرب مثلاً: احترمت فلاناً، أي كرمته وأكرمته، غير أن معاني كلمة الاحترام التي نعبر عنها من خلال هذه الكلمة وجدت أن ” التكريم ليس إلا مظهرا من مظاهر الاحترام أو شكلا من أشكاله ” وهذا يعني أن الاحترام يأخذ عدة معان منها التقدير والاهتمام ومنها التكريم بطبيعة الحال، من هنا أجزم بأن هذه الخصلة هي خصلة حضارية وتعتبر أم الفضائل.
بعد شخصي واجتماعي
الباحثة سهاد عبود تعتبر أن الاحترام له بعدان شخصي وآخر اجتماعي فاحترام الشخص لذاته هو تعبير عن ارتقاء هذا الشخص بوعيه ودرجة ارتقائه الشخصي إن دلّ على شيء فهو يدل على أن الأسرة كانت موفقة في جهودها التربوية كما ويدل من جهة أخرى أن احترام الآخرين وأفكارهم والمبادئ والقوانين فإنها تدل على أن ذلك الشخص أصبح يميز بين الأمور الجيدة والأمور الأخرى التي تتميز بالرداءة كما ويدل ذلك على تقدير ذلك الشخص للمسؤولية الأدبية في تشجيع الأشياء الحسنة والصفات النبيلة والمبادئ التي تلتقي بالمجتمع وخصاله النبيلة.
المربية أم محمد خرطبيل ترى أننا اليوم نعيش وسط أجواء التوتر وسوء الفهم والظن وهو ما يولد بعض الخلاف والمنازعات وهذه الأمور مردها إلى الاختلاف في البيئات والطباع والأمزجة والتربية الأسرية التي يتلقاها الأشخاص ناهيك عن اختلاف المصالح والمنافع وكل تلك الأمور تؤدي الى التصادم واضطراب الأوضاع الاجتماعية وهنا تبرز قيمة الاحترام التي بها نعمل على تلافي التوتر والخصام ونولد المشاعر الحميمة بينهم كما وتبدل الكثير من المشاحنات والمنازعات الى مساندة اجتماعية ودعم للروابط الاجتماعية بين الناس.
بعد كل ذلك لابد لنا اليوم من زرع قيمة الاحترام بين أطفال اليوم رجال الغد بخطوات مدروسة تبدأ من حب هؤلاء الأطفال لأنهم أبناؤنا وتقدير جهدهم كيفما كان، وتشجيعهم على المشاركة بالأنشطة المختلفة التي تساعدهم في الاندماج بالمجتمع والاعتماد على النفس وتحمل المسؤولية وتعزيز المهارات المختلفة التي يتعلمونها ما يجعلهم يحترمون ذاتهم والآخرين وكل ذلك في إطار يراعي قيمنا الفاضلة وتقاليدنا الحسنة مع تقديرنا للتغيرات التي حصلت وتحصل في أيامنا هذه سواء أكانت اجتماعية أم تكنولوجية وغيرها.