في معرض عصام درويش ورانيا معصراني نقاط التقاء وافتراق بين اللوحة والتشكيل الفراغي

الثورة – أديب مخزوم:
إلى أي مدى تلتقي لوحات الفنان عصام درويش مع أعمال النحاتة وعازفة الكمان رانيا معصراني، سؤال يطرحه معرضهما المشترك ، الذي افتتح في صالة عشتار، ضمن فعاليات أيام الفن التشكيلي السوري 2021 .
ورغم اختلاف وسائل التعبير بين اللوحة والمنحوتة، إلا أننا نستطيع أن نجد نقاط التقاء بينهما، وذلك في أنهما يرتكزان على أساس واقعي، فمهما غاص عصام في نمنمته التنقيطية، تبقى النسب التشريحية عنده واقعية، وذلك في جميع المواضيع التي يطرحها، وخاصة العناصر الإنسانية والطبيعة الخلوية والبحرية وزي المرأة ( وبعض الوجوه التي يقدمها تعبر عن مرارة المرحلة التي عشناها خلال الحرب، وهي أقرب إلى الواقعية) .
وهذا ينطبق على منحوتات رانيا، التي تحافظ في تنقلها بين الوجوه والأجساد والعناصر الأخرى على المعايير الواقعية، حتى حين تتنقل بين الكلاسيكية والتبسيط التعبيري .
وهذا يعني أنهما لا يرضيان عن عملهما بسهولة، لأن الارتكاز على الرسم والنحت الواقعي، يتطلب مزيداً من الوقت والجلد والصبر الطويل . فهنا اتجاه لإعطاء اللوحة والمنحوتة، مواصفات العمل الفني، رغم دقتهما القصوى، فاللوحة تحمل فسحة تجزيئية تعيدنا لمرحلة ما بعد الانطباعية في مدرسة باريس، وهي قادرة على إغراء المشاهدين، ومنحهم تجليات متجددة ومسايرة لمعطيات الزمن المعاصر، أي أن تنقيطية أو تجزيئية عصام درويش متجددة وتحمل بصمته الخاصة على الصعيدين التكويني والتلويني . وهي تتميز بالحيوية والاتزان والقوة والتفوق، لاسيما وأنه الوحيد عندنا، الذي أخلص لهذا الاتجاه ، وعمل على تطويره منذ سنوات طويلة.
نجول مع لوحاته (بقياسات مختلفة) فنجده يبحث عن شاعرية في التعبير ، وشاعرية في المكان، وشاعرية في الوجوه، وفي أجواء الغرفة من الداخل، بالإضافة إلى شاعرية المشهد البحري والجبلي . وفي إطار هذه الشاعرية البصرية، يعمل على تقديم توليفته الفنية الجمالية، وهذا مايجعله ساعياً إلى التقاط إيقاعات الضوء المتدرج نحو العتمة، بحيث تتحول لوحاته إلى ايقاعات بصرية، تتمازج في عين المشاهد من مسافات متفاوتة، وتبرز كعناصر جمالية، يستخدمها في التأليف العام للوحته الواقعية وغير الواقعية في آن واحد .
وهذا يعني انه يمتلك القدرة على رفد المشهد التصويري الواقعي والحديث معاً بعطاءات خاصة، والوصول إلى الرؤى الجمالية، ضمن أطر مغايرة للأنماط المألوفة والشائعة والمطروحة، على الأقل في قدرته على تحقق الناحية الاسلوبية .
والمنحوتة الواقعية التي تقدمها رانيا معصراني سبق وتعرفنا على نماذج منها في معرضها الفردي بدار الأوبرا، وهي تستلهم معطيات الفنون النحتية السورية القديمة، وتضيف لها لمسات ، وهذا يعني أنها تبتعد ، عن المنطلق التسجيلي البارد، وتركز لإبراز لحظوية الكتلة التعبيرية في بعض أعمالها العفوية ( فراغية ورولييف ) حتى أن حساسيتها الموسيقية والسمعية العالية، تظهر في عناصرها التفصيلية والعفوية معاً. وهكذا تعكس أعمالها التفاصيل وعناصر التناسب والحيوية والاتقان والحركات الخفية للموسيقا البصرية، التي تتوازى مع نوطة الإيقاع السمعي .

la11.jpg
وهذا يعني أنهما يبتعدان عن الاسلوب التسجيلي الذي يجمد الحركة، أو يستسلم للواقعية التقليدية، ويصلان إلى التأليف الفني، الذي تحافظ على البنائية الحديثة ، بملامح المحلية السورية ، رغم اختلاف الوسائل والتقنيات والمعطيات والنتائج .
والمنحوتة الواقعية المتقنة التي تقدمها رانيا، تستعيد ملامح وتعابير الوجوه أو البورتريهات المحلية وغيرها( رغم مظهرها المتحفي ) وتبرز الى جانب قيمتها الفنية، قيمة اخرى تكمن في أهميتها التوثيقية أو التأريخية للأزياء والزخارف ، وبذلك فهي تساهم في تعريف الأجيال الحالية والمستقبلية بمظاهر أزمنة مغايرة لأزمنتهم، كما تساهم في تغذية الخيال الإبداعي والثقافي، وتزيد من حالات الوعي المعرفي والتاريخي، الذي ترك بصماته الحضارية، على النمو الثقافي في المجتمعات القادمة من عمق التاريخ والأزمنة، ومن خلال التركيز على رسم المرأة السورية بملامحها وتعابيرها ولباسها، تعرف الأجانب على أجواء حياة وحضارة مغايرة لمألوفهم وعاداتهم ومشاهداتهم.
واللوحة الحديثة الممهورة بإمضاء عصام درويش، هي لوحة تلامس ملامح الرسم والتكوين الرومانسي والخيالي أيضاً ، حيث يتجه (أحياناً) نحو الجمع ما بين عدة مشاهد ورموز للوصول إلى شاعرية الحلم . فكل زاوية تجسدها ريشته مرسومة بعين فنان يعرف كيف يوازن ويصمم ويبتكر ويغري العين . لوحات فنية لمصور وناقد تشكيلي مخضرم اختبر أسرار التقنيات وجهد لاقتناص لقطات خاطفة من حلم الواقع برؤية حديثة ومعاصرة.

la10.jpg

آخر الأخبار
إعلان بغداد: الحفاظ على أمن واستقرار سوريا واحترام خيارات شعبها للمرة الأولى.. انتخابات غرفة سياحة اللاذقية ديمقراطية "الاتصالات " ترفع مستوى التنسيق  مع وسائل الإعلام لتعزيز المصداقية مياه " دمشق وريفها: لا صحة للفيديو المتداول حول فيضان نبع الفيجة  "موتكس" يعود كواجهة لمنتج النسيج السوري إطلاق الوكالة الأولى للسيارات الكهربائية بسوريا وتوريد أول 500 سيارة  ورشة العدالة الانتقالية توصي بتشكيل هيئة ومعاقبة المتورطين بالجرائم  "بطاطا من رحم الأرض السورية"..  مشروع وطني يعيد تشكيل الأمن الغذائي   مشاركون في قمة بغداد: مواصلة دعم سوريا ورفض أي اعتداءات  الوزير الشعار "يطمئن" على معمل الليرمون  بعثة طبية لـ"سامز" تستهدف عدة مستشفيات في سوريا الشيباني أمام قمة بغداد: سوريا لجميع السوريين ولا مكان فيها للتهميش أو الإقصاء البنك الدولي: سعداء بسداد متأخرات سوريا ومجال لإعادة التعامل  بمشاركة سوريا.. انطلاق أعمال القمة العربية الـ 34 في بغداد  ArabNews: فرصة تاريخية لانطلاقة إيجابية في بلاد الشام م. العش لـ"الثورة": قطاع التأمين سيشهد نقلة نوعية تطوير مهارات مقدمي الرعاية الاجتماعية في درعا   تحت إشراف مباشر من محافظ السويداء، عدد من طلبة السويداء يتوجّهون اليوم إلى جامعة "غباغب"..   كيف يواجه الأطفال تحديات التكيف بعد سنوات من اللجوء؟  استثناء الطلاب السوريين المتقدمين للشهادة اللبنانية من الحصول على الإقامة