بقلم ظافر أحمد أحمد:
يتبادر للذهن أنّ النفط السوري لا يشكل أهمية كبرى «تتطلب» حرباً على سورية من أجله، ولكن ثبت استثماره تآمرياً كمصدر من مصادر تمويل الحرب على سورية، والنتيجة الأوضح في الاقتصاد السوري بعد أحد عشر سنة من الحرب على سورية هي استمرار الاستنزاف لثروة النفط، أهم ثروة وطنية، كانت تموّل قسماً كبيراً من موازنة الدولة السورية، وتحوّلت إلى ثروة مستباحة لصالح تمويل وتغطية نفقات الاحتلال الأمريكي والميليشيا الانفصالية المرتبطة به في الجزيرة السورية.
ويشكل ما يحدث للنفط السوري مفاتيح فهم (المخطط الأمريكي) المعلن منه وغير المعلن تجاه سورية، ويكتمل وضوح المشهد بما يسوّقه متزعمو الميليشيا الانفصالية (قسد) بين الفينة والأخرى من التزام أمريكي ببناء البنية التحتية لكيانهم الانفصالي، وهذا بالنتيجة يرتكز على عوائد استباحة الثروة النفطية السورية.
* آدارة بايدن والنفط السوري..
في سنوات دخول تنظيم داعش المتطرف إلى سورية قادماً من منطقة تأسيسه في العراق (برعاية أمريكية) سيطر على أهم مناطق إنتاج النفط السوري، ولاحقا تكفّل الاحتلال الأمريكي الذي يقيم أكثر من عشرين قاعدة ونقطة غير شرعية له في منطقة الجزيرة السورية تطوّق آبار النفط بإحكام سيطرة (ميليشيا قسد) الانفصالية على النفط السوري.
ويتوضح الإصرار الأمريكي على استنزاف الاقتصاد السوري وزيادة أكلاف الحرب وتطبيق العقوبات الاقتصادية الجائرة على سورية وأشهر ما فيها شمولها للقطاع النفطي.
البنتاغون منذ شهور أعلن أنّ قواته “الموجودة في سورية” مسؤولة عن محاربة داعش فقط وغير معنية بحماية آبار النفط، ولكن هذا التصريح التضليلي ما هو إلاّ تجميل للوضوح الفج الذي كان سائداً لدى إدارة ترامب وإعلانه أنّ قواته موجودة في سورية من أجل النفط، كما تسوّق الخارجية الأمريكية مؤخراً بأنّ (الوجود الأمريكي في منطقة الجزيرة السورية ليس من أجل النفط بل من أجل النّاس)، وهذا دهاء يتفوق على (وضوح الأهداف الترامبية)، فالخلاصة ذاتها هي سرقة النفط السوري لكن السارق في النهج الترامبي أفصح عن السرقة، وفي النهج البايدني يفعلها ويخفيها!.
متزعمو الميليشيا الانفصالية، أكدوا منذ مدة بعد لقاءات لهم في واشنطن أنّ إدارة بايدن أكثر وضوحا ممن سبقها بشأن الالتزام تجاه الميليشيا والمخطط الانفصالي والتحكم بآبار النفط السورية.
ومن الواضح في سياسة بايدن تجاه سورية الإصرار على الاستمرار في الاحتلال العسكري لبعض مناطق الجزيرة السورية لخصوصيتها النفطية وتكوينها الاجتماعي، كما تظهر أصوات ضمن لعبة تبادل الأدوار بين الحزبين المتنافسين دائماً في الولايات المتحدة الأمريكية تعبر عن القلق من بوادر الانفتاح الدولي تجاه سورية، والقلق من مشروع خط الأنابيب العربي الذي سيصل الغاز المصري إلى لبنان مروراً بالأردن وسورية.
* استحقاق تحرير النفط..
تنتج سورية حالياً ما يعادل 7% من ثروتها النفطية فقط حسب بعض الإحصائيات، وإنّ استعادة سيطرة الدولة على جزيرتها يعني عودة سورية إلى نادي المصدّرين للنفط، وتمويل متطلبات موازنة الدولة من عوائد تصدير نفطها، وإمكانية تنفيذ توريدات منتظمة للمشتقات النفطية، وانخفاض كبير في كمية المشتقات المطلوب استيرادها لتلبية الحاجة المحلية..
ومع استمرار الحرب على سورية فإنّ أسهل السيناريوهات ضمن أولوية (النفط) والجزيرة السورية هو المقاومة الشعبية التي يتكفل بها أهالي المنطقة وسبق للدولة السورية الإعلان عن جهوزيتها لدعمهم، وفي حال النجاح بهذا التوجه فهذا يؤدي بالنتيجة إلى دحر الاحتلال الأمريكي من الجزيرة السورية وإفشال مخطط الميليشيا الانفصالية، واستعادة الدولة لثروتها النفطية والتحكم بعوائدها واستقرار الاقتصاد السوري.