الثورة – نهى علي:
شخّص خبراء أهم المشكلات التي يعانيها الاقتصاد السوري في مراحل ما بعد الإنتاج، بأنها تكمن في خاصيّة ” الخام”، أي الافتقار إلى مكونات ضامنة لإنتاج القيم المضافة الحقيقيّة التي تحظى بها الخصوصية الاقتصادية السورية، وهي ما يُطلق عليها الميزات النسبية، وأحياناً المطلقة، وفي سورية الكثير من المنتجات التي تحظى بمثل هذه الميزات، لكنها تقف عند حدود تحقيق القيم المضافة، فتستهلك محلياً في مواسمها، أو تُصدر خاماً لُيعاد تصنيعها في الخارج، وأحياناً تعود إلى الأسواق السورية تحت شهادات منشأ غير سورية.
فرغم تراجع أرقام الإنتاج الزراعي السوري في الكثير من المحاصيل، إلّا أن سورية ما زالت تتبوأ مراتب متقدمة في عدّة محاصيل، وقد تربعت لسنوات طوال في المرتبة الرابعة عالمياً في إنتاج زيت الزيتون، إلا أن المفارقة كانت في معلومات موثّقة في سجلات التجارة الخارجية، تؤكد أن أكبر بلد مستورد لزيت الزيتون السوري ” الخام” هو إسبانيا التي تحتل المرتبة الأولى عالمياً في تصدير المادة، وهذا يؤكد أن الزيت السوري يذهب للتصنيع و إعادة التصدير بمنشأ إسباني، وكانت تركيا تحذو حذو إسبانيا عندما كانت قنوات التجارة الخارجية مفتوحة مع سورية، أي قبل الحرب العدوانية على سورية.
في ذات الاتجاه.. ووفقاً لموسوعة المصدّر السوري، تعتبر سورية من أهم البلدان المنتجة للعدس في العالم حيث احتلت المرتبة العاشرة عالمياً في عام 2020 بكميات إنتاج تجاوزت 200 ألف طن، واحتلت المرتبة الرابعة بإنتاجية وحدة المساحة والتي بلغت في عام 2020 حوالي 1777 كغ/ هكتار
والعدس منتج تتركز زراعته في بلدان أهمها : كندا- الهند – تركيا- أمريكا- نيبال- استراليا – أثيوبيا – بنغلادش – الصين – كازخستان.
رغم أن السنوات العشر الأخيرة هناك تذبذب في إنتاج العدس في سورية.. وقدرت صادرات سورية في عام 2020 من العدس بحوالي 19138 طناً بقيمة بلغت ما يقارب 11.32 مليون دولار.
وكانت وجهت الصادرات إلى دول تركيا، العراق، السعودية.. الخ. ومن أهم الدول المستوردة عالمياً للعدس الهند في المرتبة الأولى, تليها تركيا, بنغلادش ……
وبالعودة إلى محصول الزيتون في سورية، تشير المعطيات الجديدة، إلى انخفاض إنتاج المادة بشكل ملحوظ خلال السنوات الأخيرة بنسبة 30%، وهو انخفاض تراه تقارير وزارة الزراعة طبيعياً في ظل الاستهداف الممنهج للمحاصيل الاستراتيجية من قبل المجموعات الإرهابية، التي قطعت وحرقت الآلاف من أشجار الزيتون، وحرمت المزارعين من جني محاصيلهم، وما زاد الطين بلة.
كما تبرر تقارير مكتب الزيتون التابع لوزارة الزراعة، تراجع زراعة الزيتون وانخفاض إنتاجه بالتغيرات المناخية كالجفاف، “خاصة وأن أغلب زراعات الزيتون بعلية تعتمد على مياه الأمطار، إضافة لعزوف العديد من المزارعين عن الزراعة لأسباب كثيرة كارتفاع التكاليف ونقص اليد العاملة وأجور النقل والقطاف”، ما أدى إلى تراجع سورية إلى المرتبة السابعة عالمياً بعدما كانت في المرتبة الرابعة، فالإنتاج لم يتجاوز 105 آلاف طن هذا الموسم.
وفي الحديث عن المراتب السورية على مستوى الإنتاج الزراعي، تحتل سورية مرتبة متقدمة عالمياً في إنتاج الكمّون، كذلك بالنسبة لإنتاج اليانسون، والفستق الحلبي، والفول السوداني، إضافة إلى مراتب متقدمة على مستوى الإنتاج الحيواني، لا سيما أغنام العواس بكل ما تحمله من ميزات نسبية.
إلا أن كل ذلك لم يتكفّل بتحقيق نهضة حقيقية على مستوى التصنيع الراعي، لتكون الصادرات مصنعة أو نصف مصنعة بدلاً من كونها خاماً، وهذا يعني وفق خبراء التنمية أن ثمة ضياعات كبيرة في الفرص وفوات منافع يتكبدها الاقتصاد السوري جراء خاصيّة الصادرات الخام.
وقد وضعت وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية مؤخراً، سلّة معززات للاستثمارات الزراعية في سياق قانون الاستثمار الجديد، كذلك أقرت محفزات كثيرة للصادرات الزراعية، على اعتبار أن سورية تحظى باقتصاد زراعي وافر الفرص وواعد على مستوى التصنيع والتصدير.