الملحق الثقافي:سعاد زاهر:
قد لا نتذكر المستقبل، إلا حين يحاصرنا الزمن، فنسارع لننجز، لننفض عجزنا وكل التراكمات التي أعاقت التقاطنا للحظتنا الاستثنائية، ولم نتمكن من منح أنفسنا انطلاقتها المرتقبة…
نبحث عن حاضر يعول عليه، استبعاداً لمرور عابر للحظات بلا معنى، نذكرها ونحن نقارع عاماً جديداً كأننا نتمرغ في أتون أحلام مرتقبة، الخوف أن تستنفد فرص تحولها إلى حقيقة…!
حينها لا يكون ثمة وقت مرتقب للنهوض وصياغة حاضر لا يختنق في صيرورة الأمس المملوء بلهاث الندم..
الانتقال نحو لحظات زمنية خفيفة، لا يبدو أننا سقطنا منها، يحكمه تسلل متقن لاستغلال كل لحظاتنا الحية، ونحن نتتبع الصباحات المتكررة، ونستنشق هواءها الرطب، ونتلمس وجوهنا اللزجة، ونحن نتخلص من العشب الضار من حدائقنا ونُصر على غراس خضراء نقتلعها ونبتلع بعضها عند الضرورة..
ونحن نتذوق الشاي الأخضر، مصرين على أنه بسلم للروح أكثر منه للحياة، ننعطف معه على كل تلك الأفكار التي تنبئنا بحياة صحية، ستمد في أعمارنا إلى ما شاء الله…
بينما تنزلق الأيام نتلمس أسلاك الكهرباء بغضب شديد، ونلقي اللوم عليها، كم أعاقتنا حتى عن تنوير بسيط نعبر فيه بفخر، عندما تحل أنوار الميلاد كما في كل عام…
ولكن ألم يفعلها أجدادنا حين لم يكونوا يمتلكون كل هذه المتع الزائلة عنا وكأننا حشرنا في كوخ معاصر..في انتظار انزياح زمني، معجزة غير سالكة ..
نعلق في زمن، متجمد متخم بالعدمية، يعيقنا عن تذوق حتى ملامح حياة بدائية، كأن تعويذة شريرة ألقيت علينا…
كيف نفك طلاسم تلك التعويذة..؟
كيف نحاول قهر ظروف لا تقهر…؟
والاقتناع أن شيء ما مفقود…لن نتلمسه في وقت قريب، كل الخشية أن يشبه انتظارنا فك تلك الطلاسم..انتظار غودو..!
التاريخ: الثلاثاء11-1-2022
رقم العدد :1078