في الوقت الذي يجهد فيه الأميركي للخروج من مستنقع العجز الذي أغرق نفسه فيه، نجد أن هزائمه المتكررة التي باتت تلفه وتثقل كاهله تشده وبقوة نحو الأعماق، وبما يفضي إلى نتيجة واضحة بأن التراكم الكمي والنوعي للهزائم الأميركية في المنطقة والعالم، لم يؤد بعد إلى انقلاب أو إلى أي تغيير في الاستراتيجية الأميركية التي كانت يتوجب عليها مقاربة الأمور والتطورات بكثير من الواقعية السياسية وبشيء من العقلانية التي لابد أن تأخذها وتوصلها إلى نتائج نوعية بأن الذهاب بعيداً في خيارات الحرب قد يشعل العالم بأكلمه ويذهب به إلى الجحيم.
لذلك، فإنه وبالقدر الذي تبدو فيه الجعبة الأميركية فارغة من أي إنجازات وحلول لقضايا المنطقة والعالم، تبدو بالمقابل ملأى، بل ومتخمة بخيارات التفجير والتصعيد، وعلى كل الجبهات، على نحو يحاكي الخيار الأميركي – الوحيد – في هذه المرحلة تحديداً، بالهروب إلى الأمام كوسيلة لتجاوز الإخفاقات والهزائم المتكررة، وكتجسيد للإفلاس والخواء الاستراتيجي الذي أصبح يعاني منه العقل الأميركي الذي لا يزال يعتاش على حطام الشعوب والإنسانية، ولا يزال يعيش أسير نشأته الأولى التي قامت على إبادة وذبح الهنود الحمر السكان الأصليين للإمبراطورية العظمى.
نؤكد مجدداً أن الوضع لم يعد محكوماً بتطورات اللحظة فحسب، بل بات محكوماً بخيارات وقرارات الضرورة التي تحاكي حماقات الإدارة الأميركية وإرهاب الكيان الصهيوني الذي يتخذ منحى تصعيدياً وتخريبياً في إصرار واضح على تجاهل كل الارتدادات الكارثية لفائض الحماقة والغرور الذي يمتلكه الطرفان.
برغم برودة الطقس الشديدة، يبقى المشهد يترنح على صفيح ساخن، نتيجة التصعيد الأميركي، لكنه بالمقابل يبقى محكوماً بردة فعل كل القوى المؤثرة والفاعلة في المنطقة والعالم.
نبض الحدث -فؤاد الوادي