الحدود واهية.. لعلنا لا ندرك حقيقة كم تكون أحياناً واهية بين الشيء وضدّه.
ثمة قناعة ناشئة لديها أنك لن تنعم بجماليات أي حالة إيجابية إن لم تحيَ نقيضها إلى الأقصى..
إذ كيف تميّز أو تختبر الأشياء وصدقها إن لم تقع فريسة الإحساس بما ينفيها أو ينافيها..؟
مزيجٌ من الحبّ والكراهية يختلط داخلها.. ولا تستطيع تمييز أيهما الأقوى..
وكلّما استقرّت إلى أحدهما لاح الآخر مشاغباً من طراز رفيع.
الأشياء /الموجودات/المشاعر، لا تأتي بنسيجٍ كامل التجانس.. لعل من طبيعة تكوينها أن تحتوي على أضدادها ولو بنسب شديدة الضآلة.
هل ننحاز إلى شخص ما، أو نحبّ شيئاً ما بنسبة مئة بالمئة، دون أن تحتوي هذه النسبة على ما يشوبها مما ينافيها أو يناقضها..؟
معادلة الشيء وضدّه تتفرّع عنها معادلة الإيجابي والسلبي.
هي معركة قائمة بين عقلها وقلبها، وتدرك نهاية أن الغلبة ستكون لعقلها، كما العادة.
لكن حتى تصل إلى هذه الخلاصة تنشب حروبٌ بين الطرفين..
وكلّما رفع تفكيرها نسبة سلبيات أي علاقة/تواصل، يعود قلبها ليكافئها بعديد إيجابيات.. فتجعل على رأسها مقدار السعادة الذي تحصده مهما كانت الخيبات التالية..
ولهذا تعلّمتْ ألا تعوّل على سعادة آنية.. وألا ترفع مستوى توقعاتها بشيء لطالما تراه مؤقتاً أو مرحلياً ويمضي.
مزيجٌ من الحب والكراهية، تجعله ينمو مع كل أحد طارئ في حياتها.. نوع من الحفاظ على قشة التوازن الذي أصبح برمجة يسير عليها عقلها.
هل يحتوي الجسد بقول سبينوزا: “لا أحد يعلم ما يستطيعه الجسد”، على العقل..؟ أو بتعبير أدق على الدماغ بوصفه حاملاً للعقل..؟
تمارس فهماً خاصاً لتلك المقولة. ولطالما لا نعلم ما يستطيعه الجسد.. أيضاً لا نعلم ما يستطيعه العقل بواسطة أفكاره.. التي تكون وقوداً لا تُشعله وحده فقط، بل وحتى الجسد حركةً وإنجازاً..
وكأنما عقولنا تصطنع حروباً ومعارك خِفيةً عنا، وبالتآمر ضدنا، لكن لمصلحتنا. .
تبتكر خليطاً من الحبّ والكراهية.. من الشيء وضدّه.. تأكيداً على أن الكائن البشري مزيجٌ متجانس من التناقضات، ولك وحدك اختيار النسب التي تحافظ على توازنك.
رؤية- لميس علي