يوم بعد يوم، تأخذنا الظروف الصعبة بعيداً في دروب صعبة، تحاول وبشراسة تجريدنا من إنسانيتنا وأخلاقياتنا ومبادئنا.
اللهاث والركض خلف الاستغلال والابتزاز بذريعة الظروف الصعبة، بات مطية لمعظمنا، لكن أن يصل هذا الطوفان إلى أولئك الذين من المفترض أن يكونوا الأكثر إحساسا بآلام وأوجاع الناس، فهنا الفجيعة وهنا الطامة الكبرى.
بعض أطبائنا الذين نعتبرهم رمزاً للرحمة وعنواناً للإنسانية قد رفعوا معايناتهم، والبعض منهم قد رفعها أضعافاً مضاعفة، ليبقى السؤال المحزن، هل فعلاً هؤلاء هم أطباؤنا الذين نفتخر بعم ونعتز بهم؟ أسئلة تحتاج إلى الكثير من المقاربات والإجابات، في ظل تصدع المنظومة القيمية والإنسانية للمجتمع.
لقد قرر بعضهم نزع ثوب الإنسانية والرحمة وارتداء ثوب اللاهثين خلف الماديات، وإلى حدود محزنة جداً ، فهل يعقل أن ثمن أي عملية جراحية مهما كانت بسيطة بات بمئات آلاف الليرات، ثم يصبح هذا الرقم ملايين الليرات إذا كانت العمليات الجراحية أكثر خطورة، ثم هل يعقل أن تصل معاينة الطبيب إلى 35 ألف ليرة، وهل يعقل أن بعض الأطباء قد ألغى مجانية المراجعة حيث يجب على المريض أن يدفع نصف قيمة المعاينة، فإلى من يلجأ المريض الذي لا يملك ثمن العملية والمراجعة؟
كل المبررات والذرائع التي يسوقها بعض أطبائنا الذين انجروا بعيداً وراء الماديات، تبدو ضعيفة وواهية وغير منطقية، بل ومستفزة جداً، ذلك أنه بحسبة رياضية بسيطة وسهلة يمكن دحض كل تلك الذرائع والحجج، فإذا كانت معاينة أي طبيب قد وصلت في حدها الأدنى إلى 10 آلاف ليرة لكل مريض، فإذا عاين الطبيب باليوم الواحد ما بين العشرين والثلاثين مريضاً، فكم يا ترى سيدخل الى جيب ذلك الطبيب (الرحيم) شهرياً، سنترك الإجابة لكل طبيب سار على هذا الطريق!.
عين المجتمع- فردوس دياب