في الحديث الإلكتروني

لم يبق واحداً إلا وقدم رؤية ورأياً وموقفاً رافضاً لوضع قانون وسن تشريع وتطوير نص سابق بشأن الجرائم الإلكترونية في ظل وجود فرع جنائي مختص وتشكيل غرف قضائية متخصصة بها .

الواقع شأني شأن الكثيرين الذين يضعون الحرية نصاً مقدساً يضمنه القانون ويتكفل الدستور بحمايته أرى الموضوع يأخذ أبعاداً فيها الكثير من التعقيد المرتبط بالتطورات التكنولوجية والعلمية وتوسع دائرة استخدام شبكة الإنترنت وتعدد وسائل التواصل الاجتماعي الإلكترونية وما رافقها من تعد على الحقوق الخاصة من اختراق لحسابات الأفراد والعبث بمحتواها وصولاً إلى التهديد والابتزاز وسرقة الأموال من خلال اختراق الحسابات المصرفية الخاصة أو اختراق شبكة المصارف ذاتها، فهل يستدعي هذا الأمر على ضخامته واتساع وتعدد حالاته وجود قانون خاص ندعوه قانون الجريمة الإلكترونية ؟

قد يبدو موقفي غريباً وكلامي يخالف الوقائع والحوادث وكأنني ضد القانون، ولكن التشخيص باعتقادي هو ناقص وغير دقيق أصلاً، فالمستجد في الأمر هو الوسيلة ( وسيلة الجريمة) وليست الجريمة ذاتها، والواقع القديم وجود قانون عقوبات ينص على تحديد عقوبة لكلّ اعتداء على الحقوق الشخصية سواء كانت مادية أو معنوية، فهل يختلف واقع الدم والقدح بالنسبة لجوهر الجريمة نفسها سواء حصل على وسائل التواصل الإجتماعي أو كان مباشرة وبين الأفراد الحقيقيين؟ وهل يختلف التهديد والإبتزاز أصلاً وفق الآلية التي يتم فيها ؟ بمعنى مختصر إن الجريمة تبقى ذاتها من حيث وصفها جنحة أو جناية ، في حين تبقى الوسيلة هي الأمر المستجد، وبالتالي فإن الإغراق في استنباط نصوص تشريعية بخصوص اختراق خصوصيات الأفراد سواء كانوا من الموظفين والمسؤولين أو من أفراد الشعب يزيد من تعقيد وتعدد القوانين المتخصصة بالعقوبات وهي قوانين تكاد تتشابه في معظم دول العالم ، وإن اختلفت مدة وقيمة العقوبة وشكلها .

وبالنسبة للواقع الإلكتروني، ثمة جريمة واحدة باعتقادي يمكن تصنيفها بأنها جريمة إلكترونية، وهي التدخل في المحتوى الإلكتروني وحده وهو ما يحصل في العالم الافتراضي، وهو الطارئ الجديد في واقع الجريمة، وبالتالي من التبسيط القول إننا يمكن أن نضيف فقرة إلى قانون العقوبات العام نعتبر فيه الحسابات الإلكترونية وصفحات التواصل الإجتماعي الشخصية والرسمية التي تملكها الوزارات والمؤسسات الحكومية والخاصة بمثابة الأموال العينية لا يجوز العبث أو الاعتداء عليها بالاختراق أو التزوير أو اللعب فيها أو أي شكل من الأشكال يمكن أن يغير في محتواها ، وهو ما يشكل ركن الجريمة المعتمد في القرار القضائي في نهاية المحاكمة.

ورب قائل يرى أن حجم الذم والقدح والشتم على وسائل التواصل الاجتماعي قد يكون أوسع انتشاراً وبالتالي أكثر ضرراً، وهذا قد يكون صحيحاً، لكنه لا يلغي معنى وحقيقة وتوصيف الجريمة ذاتها، وهنا يمكن للقاضي أخلاقياً أن يقدر حجم الضرر باعتبار أن القانون يعطيه مجالاً واسعاً في فرض العقوبة من الحد الأدنى إلى الحد الأعلى.

وتبقى النقطة الأكثر إشكالية فيما يتعلق بالشخصية العامة من وزراء ومديرين عامين وحتى مديري شركات خاصة كبيرة موضع الأخذ والرد، وهذا يعود للفلسفة السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية للدولة، وهي تحدد حدود الممنوع من التناول أو التدخل، حتى فيما يختص بالشأن الشخصي للمدير المسؤول، وبالتالي فإن الواقعة وحدها تحدد إن كانت جناية أم لا، فيما يلقى مكان الجريمة ووسيلة تنفيذها وإطارها العام هو ما يحدد إن كان الفضاء الإلكتروني الإفتراضي أو الواقع الملموس، ولا أننا نحتاج لزيادة القوانين وتعقيدها في ظل وجود إمكانية تبسيط تعتبر المحتوى الرقمي مالاً ذا قيمة لا يجوز سرقته أو العبث به ، وما زال الطريق مفتوحاً للعودة عن التوسع في قوانين المطلوب منها تحقيق العدالة الاجتماعية والنظام والبساطة، لا زيادة التعقيد وإطالة أمد المحاكمات .

معاً على الطريق- مصطفى المقداد

آخر الأخبار
الدفاع المدني في اللاذقية يسيطر على حرائق عدة بالمحافظة غرفتا الصناعة والتجارة في حلب تبحثان آفاق التعاون وتوحيد الجهود لخدمة الاقتصاد المحلي  د.نهاد حيدر ل"الثورة".. طباعة عملة جديدة يحتاج لإجراءات إصلاحية  ينعش آمال الأهالي ببيئة أنقى.. قرار بوقف "الحرّاقات" في عين العبيد بريف جرابلس  ضبط تعديات على خطوط ضخ المياه بريف القنيطرة الجنوبي تراجع ملحوظ  في إنتاجية العنب بدرعا.. وتقديرات بإنتاج 7 آلاف طن   وزير الاقتصاد يبحث في حلب مع وفد تركي فرص التعاون والتطوير العقاري حلب تستضيف الندوة التعريفية الأولى لمشروع "الكهرباء الطارئ" في سوري الإنسان أولاً.. الصحة تطلق مشاريع نوعية في ذكرى استشهاد محمد أمين حصروني بحث عودة جامعة الاتحاد الخاصة وتسجيل طلاب جدد التحالف السوري- الأميركي يدعو الكونغرس لرفع كامل العقوبات عن سوريا لتراجع إنتاجيته .. مزارعو عنب درعا يستبدلونها بمحاصيل أخرى تركة ثقيلة وخطوات إصلاحه بطيئة.. المصارف الحكومية تراجع دورها ومهامها استئناف العمل بمبنى كلية الهندسة التقنية في جامعة طرطوس فرص استثمارية ودعم للمبدعين.. "التجارة الداخلية" في جناح متكامل بمعرض دمشق الدولي "الجريمة الإلكترونية والابتزاز الإلكتروني".. التركيز على دور الأسرة في مراقبة الأبناء وتوجيههم إزالة 22 تجاوزاً على مياه الشرب في درعا سبعة أجنحة للاتحاد العام للفلاحين بمعرض دمشق الدولي.. غزوان الوزير لـ "الثورة": منصة تلقي الضوء عل... " سوريا تستقبل العالم " .. العد التنازلي بدأ.. لمسات أخيرة تليق بدورة معرض دمشق الدولي    ترامب يهدد مجددا بفرض عقوبات على روسيا