فن صناعة (التفكير الإيجابي)

عندما تمر الأمم والشعوب بأوضاع صعبة وقاسية بفعل الحروب والكوارث والأزمات وما لها من تداعيات صعبة وقاسية على حياة الناس وأوضاعهم المعيشية وظروفهم النفسية في مثل هذه المناخات تبرز أصالة الشعب وقوة إرادته وجذره الحضاري وإصراره على البقاء في دائرة الفعل والتحدي، وتلعب الدور الأساسي في إبراز وتحريض تلك القوة الكامنة عناصر كثيرة منها وسائل الإعلام ومنابر الثقافة والقادة السياسيون وصناع الرأي العام وكل القوى الحية بالمجتمع الحريصة على مستقبل الوطن والأمة، ولقد علمتنا تجارب شعوب كثيرة العديد من الدروس في هذا الإطار، ومنها التجربتان اليابانية والألمانية، فقد تعرض كلا البلدين إلى أشبه ما يكون عملية تدمير شامل في الحرب العالمية الثانية، واستطاع الشعبان بإرادة أبنائهما وإصرارهما على الحياة الانتصار على الواقع الصعب والقاسي لأن الروح الألمانية واليابانية لم تهزم وبالرغم من خسارة الحرب وكارثيتها تمكنت كل من ألمانيا واليابان تحقيق أشبه ما يكون بمعجزة خلال عقدين من الزمن، فأصبحتا تحتلان الترتيب الثالث والرابع في أكبر الاقتصادات العالمية، وكان للمواطن المنتمي والمؤمن والمحب والمتفاني في خدمة بلده في البلدين الدور المحوري في ذلك متفاعلاً وفاعلاً مع مؤسساته لا سلبياً وناقداً أو حاقداً عليها.

لقد كان لوسائل الإعلام في تلك البلدان الدور الكبير في تحفيز روح المبادرة والتحدي وحب الوطن وزرع روح الثقة وثقافة العمل والإنجاز والتضحية في نفوس ابنائها، وبالمحصلة انتصرت ثقافة التفاؤل والإنجاز على ثقافة اليأس والإحباط والتشكيك وادخال الشعب في خنادق اليأس والخنوع ما يثبت حقيقة أن أشد أنواع الهزائم هي الهزائم النفسية لأن فيها تدميراً لكل الطاقات وتبديد لكل الأمانات والقوى الفاعلة والحية والقادرة على اجتراح المعجزات بل وقلب كل المعادلات وتكريس وتوطين التفكير الإيجابي ليتحول إلى سلوك عام وذهنية وطنية، فكل ما يطرح من أفكار أو يوضع من استراتيجيات للخروج من الأزمات والظروف الصعبة كما هو الحال في سورية لايمكن أن يجد سبيله للنجاح إن لم تتوافر البيئة الاجتماعية والثقافية والأخلاقية والسلوكية الحاضنة لها وهذا ما نحن بأمس الحاجة إليه في مثل هذه الظروف ولعل الشعار الذي طرح في انتخابات الرئاسة في العام المنصرم هو العنوان المعبر عن ذلك، فالأمل لا يتحقق إلا بالعمل والإنجاز والمنسوب العالي للروح الوطنية التي تعكس الشخصية الوطنية للسوريين بجذرها الحضاري الممتد عمقاً في التاريخ.

إن محاولات إشاعة ثقافة اليأس وإضعاف الشعور العام بالمسؤولية ومحاولة تكريس أن كل شيء فاسد وفك الارتباط بين المواطن ومؤسساته هي أحد أهم الأسلحة التي تلجأ اليها القوى المضادة التي لا تريد الخير والسلامة لبلدنا لا بل إنها أحد أهم سياقات وأدوات الحرب على سورية وشعبها في حرب دون إطلاق نار وتكمن خطورتها بأن أسلحتها وإدواتها داخلية وتلبس أحيانا لبوس الحرص على المصلحة الوطنية والعامة ومحاربة الفساد والنقد، وهذا لا يعني بالتأكيد حقيقة أن من حق أي مواطن أن ينتقد أداء بعض المؤسسات والإشارة لمظاهر الفساد وسوء الإدارة والمطالبة بالمحاسبة والإصلاح وغيرها من أدوات، ولكن هذا يجب أن يلغي ما تقدمه الدولة ومؤسساتها من دور مهم في مجالات الصحة والتعليم والأمن واستمرار المرفق العام ودور الدولة الحمائي رغم كل الظروف الصعبة والقاسية والحرب التي لا زالت مستمرة على الشعب السوري وما يواجهه من حصار ظالم وسرقة لخزانه الاقتصادي في الجزيرة السورية ما يفقده أهم موارد تغذي خزينة الدولة وموازنتها السنوية.

إن اذكاء روح جماعية تنصهر فيها وتتفاعل كل المؤسسات والأفراد هي خطوة أساسية ومحورية للخروج مما نحن فيه من أوضاع صعبة ولا يمكن لذلك أن يتحقق دون تشكيل تيار وطني واسع الطيف يمهد ويعبد الطريق ويقوده وصولاً لتحقيق تلك الأهداف ويمكن لوسائل الإعلام وكافة الحساسيات الوطنية الفاعلة والصادقة والمخلصة سواء أكانت الحزب ومنظماته والمجتمع المدني والأهلي واستطالاته أن تكون الرافعة الوطنية لذلك.

اضاءات- د خلف المفتاح

 

آخر الأخبار
سوريا تشارك في الاجتماع العربي السابع للحد من الكوارث بخطة وطنية دمشق تُعيد رسم خارطة النفوذ..  قراءة في زيارة الشرع إلى روسيا الاتحادية وزير الطوارىء: نحن أبناء المخيّمات..نسعى لإعمار وطنٍ يُبنى بالعدل أوضاع المعتقلين وذوي الضحايا .. محور جولة هيئة العدالة الانتقالية بحلب بعد تحقيق لصحيفة الثورة.. محافظ حلب يحظر المفرقعات تخفيض الأرغفة في الربطة إلى 10 مع بقائها على وزنها وسعرها محافظة حلب تبحث تسهيل إجراءات مجموعات الحج والعمرة  جلسةٌ موسّعةٌ بين الرئيسين الشرع وبوتين لبحث تعزيز التعاون سوريا وروسيا.. شراكةٌ استراتيجيةٌ على أسس السيادة بتقنيات حديثة.. مستشفى الجامعة بحلب يطلق عمليات كيّ القلب الكهربائي بحضور وفد تركي.. جولة على واقع الاستثمار في "الشيخ نجار" بحلب أطباء الطوارئ والعناية المشددة في قلب المأزق الطارئ الصناعات البلاستيكية في حلب تحت ضغط منافسة المستوردة التجربة التركية تبتسم في "دمشق" 110.. رقم الأمل الجديد في منظومة الطوارئ الباحث مضر الأسعد:  نهج الدبلوماسية السورية التوازن في العلاقات 44.2 مليون متابع على مواقع التواصل .. حملة " السويداء منا وفينا" بين الإيجابي والسلبي ملامح العلاقة الجديدة بين سوريا وروسيا لقاء نوعي يجمع وزير الطوارئ وعدد من ذوي الإعاقة لتعزيز التواصل عنف المعلمين.. أثره النفسي على الطلاب وتجارب الأمهات