لعل من بين أهم ما حققه تطبيق الآلية الجديدة في إزاحة الدعم عن غير المستحقين هي وضع اليد بشكل مباشر عن ما كان في السابق يجري الحديث عنه همساً دون أن يكون أحد قادر على إثباته أو إدانة مرتكبيه..
ما نتحدث عنه هنا هو السجلات التجارية الوهمية التي صدرت لآلاف الأشخاص غير العاملين بالتجارة وهي اللعبة التي كان يلجأ إليها بعض كبار التجار بهدف التهرب ضريبياً وعدم تسديد مستحقات الخزينة الواجبة عليهم جراء الأعمال التجارية التي ينجزونها بأسماء متعددة.
هذا الأمر فيه الكثير من المزايا والفوائد فهو من جهة يوفر قيمة الدعم التي كانت مرصودة لمثل هؤلاء (كبار التجار) وبنفس الوقت يضع حداً لتلاعب هؤلاء وتهربهم من الضرائب والرسوم المستحقة عليهم، وبالتالي زيادة عوائد الخزينة من الضرائب المترتبة على الأعمال التجارية.
فعلى مدى سنوات طويلة كانت هذه (الخدعة) المكشوفة ولكنها تجري بأطر قانونية، هي واحدة من الأمراض التي أدت إلى فوات أموال كبيرة على الخزينة العامة، وكان الجميع يعلم بها إلا أنه لا يوجد نص قانوني يضبطها ويحد منها، إلى أن جاء قرار إعادة هيكلة الدعم الذي كشف الكثير من المتلاعبين والذين يصح عليهم القول إنهم ساهموا بشكل أو بآخر بأذية للاقتصاد الوطني من خلال تهربهم ضريبياً.
هؤلاء المتهربين ضريبياً اليوم لن يجدوا من يرضى بتوريط نفسه في مثل هذه الأعمال التي كانت تجري سابقاً، فأغلب من اعتمدوا عليهم في إنجاز أعمالهم التجارية الكبيرة هم من العاملين لديهم ومن الفئات الاجتماعية الضعيفة (عامل، سائق، إداري، …..) وغير ذلك، وهم اليوم أصبحوا خارج مظلة الدعم لأنهم من أصحاب السجلات التجارية ومحسوبين على فئة التجار في أنهم في الغالب يعملون بأجر شهري أو يومي ربما.
وهم اليوم مضطرون لأن يصححوا أوضاعهم بإلغاء سجلاتهم التجارية ليحصلوا على الدعم المخصص لهم باعتبارهم من الفئات الاجتماعية غير الميسورة، وإلا فسيبقون خارج مظلة الدعم.
وفي لقائه الإعلامي اليوم تحدث رئيس الحكومة المهندس حسين عرنوس عن آلاف الحالات التي يتخفى فيها المقتدرون مالياً خلف الفقراء والمحتاجين وهؤلاء هم من أصحاب المنشآت والعقارات والسجلات التجارية، وذلك بهدف التهرب الضريبي.
من هنا نجد أن الخطوة بحد ذاتها قد تكون تسببت للبعض بالإرباك نتيجة بعض الأخطاء التي وقعت، إلا أن لها فضائل في الحد من الكثير من حالات التلاعب والتهرب والاستهتار بحقوق الخزينة العامة.
حديث الناس- محمود ديبو