لا يختلف رأيان اثنان على أن القاعدة الرئيسية في الاقتصاد خلال فترات الحروب هي (اللا قاعدة)، ومن هذه الفكرة انبثقت النظرية الأهم في تاريخ اقتصاديات العالم والتي تعتبر الهدف الرئيسي لكل هيكل اقتصادي لتحقيقها علّها توقف النزيف داخله مهما كان التردّي الاقتصادي مريعاً، فإن الاستقرار يعتبر جيداً..
مردّ هذه النظرية يعود إلى المتغيرات البنيوية في معطيات الاقتصاد خلال فترة الحرب، والبنيوية تكون أقسى من التغيير المفاجئ في العادة ولكن هشاشة اقتصادات الحروب تجعل الخلل والاضطراب فيه هيناً، ما يخلق تحديات أصعب في كل يوم، وهو ما جعل الاستقرار ولو على الظروف السيئة أفضل من المتغير المفاجئ قليل الإيجابية، لكون الثبات على السيئ يُمكّن الاقتصاد من التعامل مع تحدياته وإيجاد الحلول لما يعترضه من مشكلات (آنية طبعاً)، وبالتالي يتمكّن من رفع سويّة أدائه فيما يحتاجه المواطن.
كل ما سبق، لم يجد لنفسه سبيلاً ولو من قبيل التجربة، ولعل الفترة الحالية تعتبر نموذجاً لعدم استقرار بعض القرارات الصادرة، حيث شهد السوق مؤخراً استقراراً على السيئ في الأسعار ونجح المواطن وقتها في خلق موازنة بدائية بين ما يرده وما ينفقه، ليخرج علينا المعنيون لتبرير أسعار المواد وارتفاع تكاليف استيرادها على جيب التجار، ما يعني وبعبارة أخرى رفع سعر البقوليات والحبوب والأساسيات بمنشور واحد.. ودون أن يطلب أحد ذلك، مع أن البقوليات والحبوب إنتاج محلي!!.
آلية التعاطي مع الأسواق ما زالت غريبة مع غذاء واحتياجات المواطن، فإن لم يكن جشع التاجر والبائع هو المحرّك لفوضى الأسعار تنتفض الوزارة المعنية وتبادر إلى الاجتهاد وخلط الأوراق وإعادة المواطن إلى نقطة الصفر..!.
إن كان التاجر نفسه لم يشتكِ من التكاليف.. فلماذا تتدخل الوزارة؟
السؤال الأخير ما جرى يومها كان تدخلاً في السعر.. ولكن لمصلحة من؟
رب قائل: فلتقم وزارة التموين الآن وتحل مشكلة البندورة المنتجة محلياً والتي وصل سعرها إلى 2700 ليرة في وسط دمشق..!!.
الكنز- مازن جلال خيربك