من منا لا يذكر الفزعة الخلبية لـ “معشر” رجال المال والأعمال والتجار والصناعيين في حملة دعم الليرة أمام الهجمة الشرسة والمضاربة العمياء التي كانت تتعرض لها عملتنا الوطنية من المضاربين وأقزام السوق السوداء في الداخل والخارج..
من منا سمع ولو صوتأً واحداً “غاضباً أو مستهجناً” من اتحادات غرف التجارة والصناعة بعد كل حالة فلتان سعري كانت تعتري أسواقنا المحلية.
من منا لم لا يعرف حجم التسهيلات والإعفاءات والامتيازات “شبه السنوية” والدلال الحكومي الذي يحظى به التجار والصناعيون من تخفيض للرسوم الجمركية والتزود بالطاقة الكهربائية “24 / 24 من صباح يوم الأحد حتى مساء يوم الخميس من كل أسبوع” ودعم للمشاركين بالمعارض الخارجية، وتمويل المستوردين بالقطع الأجنبي ووو.
من منا سمع ولو نداءً واحداً من أي عضو من أعضاء نادي الأثرياء والمقتدرين والمكتفين مادياً يطالب فيه بضرورة تصويب وجهة بوصلة الدعم الحكومي وحصرها وبشكل مطلق باتجاه المستحقين الفعليين والحقيقيين من أبناء الطبقة الفقيرة والدخل المحدود جداً الذين يعرفونهم حق المعرفة… ومن ومن .. والقائمة تطول.
نعم البعض من القطاع الخاص يرى بالدعم الحكومي مكسباً مجانياً “ببلاش” يجب حصولهم عليه بغض النظر عن أحقيتهم به وملاءتهم المالية وسمعتهم ومكانتهم ودرجتهم التجارية والصناعية ومعاملهم ومنشآتهم ومصانعهم وعماراتهم ومزارعهم ومستودعاتهم ومتاجرهم وأرصدتهم البنكية الداخلية والخارجية.. لا لشيء في هذا الكون، ولا حتى من باب العوز والحاجة وضيق ذات اليد، وإنما فقط للتفاخر والتباهي بالنجاح الذي يحققونه وهم يطبقون وصفتهم اللا تجارية القائمة على الربح ولا شيء آخر على وجه هذه البسيطة إلا الربح، كيفما كان ومن أي مصدر كان.
هذا هو مفهومهم وقناعتهم الحقيقية بالشراكة “من طرف واحد”.. لا بل هذا هو واقع حال الشريحة غير الهينة من قطاع رجال المال والأعمال الخاص، الذين مازالت مصالحه الشخصية ـ الضيقة تتصدر سلم اهتماماتهم وأولوياتهم لا بل وتتفوق وتتقدم على كل ما هو عام بأشواط وأشواط، على الرغم من السباق المحموم وغير المعلن فيما بينهم على تسجيل أبنائهم في أغلى المدارس والجامعات الخاصة، والاستشفاء “لاسيما العمليات الجراحية والتجميلية” في أرقى المشافي الخاصة، واقتناء الساعات والنظارات والألبسة والأحذية والعطورات والأجهزة الخليوية والسيارات من أشهر الماركات العالمية لا المحلية، وإقامة الأفراح ولياليهم الملاح في أفخم الفنادق والمطاعم السورية، وعدم ترقب وانتظار شخص واحد منهم أو حتى معرفته بموعد رسائل الغاز والبنزين والزيت والسكر والرز، المسجلة أصلاً على موبايلات مديري مكاتبهم وسكرتيراتهم وسائقيهم.
الكنز- عامر ياغي