في معرض”علي سليمان” حرائق الغابات وحركات اللون التجريدي

الثورة – أديب مخزوم:
يستمر حالياً في صالة زوايا بدمشق معرض الفنان د. علي سليمان ( تحت عنوان ذكريات غابة ) متضمناً مختارات من لوحاته ( أكريليك على قماش – قياسات كبيرة ) إضافة إلى مجموعة من لوحاته الورقية ( مواد مختلفة – ميكست ميديا – قياسات متوسطة وصغيرة ) .
في أعماله الجديدة يبحث علي سليمان ( وهو من الأساتذة المخضرمين في كلية الفنون الجميلة ) وأحد أغزر الفنانين في الإنتاج والعرض ( أقام أكثر من 60 معرضاً فردياً داخل سورية وخارجها، إضافة لمشاركاته في العديد من المعارض الجماعية الرسمية والخاصة . وهو يبحث بشكل دائم عن منطلقات جديدة تعيد الاعتبار للاتجاه التجريدي، القائم على جمالية الحركات اللونية العريضة على خلفية المواضيع المستمدة من الواقع . وهذا يوحي باستمرارية الهواجس اللونية الجمالية في خطوات التعبير عن المواضيع المستمدة من الواقع ( والمرتبطة هذه المرة بجرائم حرق الغابات في أماكن متفرقة من سورية، والتي تزامنت مع جرائم حرق محاصيل القمح، في ظروف مرعبة ومريبة ومأساوية تمر على المجتمع السوري ).
إنها لوحات لإثارة الأسئلة لأن الإرتجال الذي نجده في حالات التلوين والتكوين، يبعدنا مسافات عن الإشارات الواقعية المباشرة، ويدخلنا في جوهر الحالة الرمزية والتجريدية، والتي يعمل من خلالها لإبراز المشهد المتداخل بين الإشارات والرموز الواقعية واللاواقعية، أو بين الحركات والإيقاعات اللونية التجريدية، وتخيلات مشاهد الغابات والحقول والحدائق المحترقة بنيران الحقد والجهل والتخلف.
فالمشهد الذي يجسده في كل مرة أو يحاول استعادته هو رمز للتعبير عن مرارة المرحلة، التي خلفتها الحرب وآثارها المدمرة على الصعد كافة . وفي هذه المجموعة من أعماله لا يعتمد الشكل الطبيعي، بل يستبدله بالأثر، بحس عفوي وبطريقة مستحدثة تشكل حواراً بصرياً بين الفن التصويري والفن اللاتصويري.
وهذه الإشارات والرموز والتلميحات ترتبط من الناحية التشكيلية والتقنية بإيقاعات حديثة، تذهب إلى مثل هذا التبسيط والتجريد والحرية، فيحول مساحة اللوحة إلى فسحة للتشكيل اللوني الحر، ويجسد أحياناً عناصر الطبيعة والطيور وغيرها مهتماً باستقلاليتها وبما يجري داخل مساحتها من إضاءة تدخلنا إلى أغوارها ولا تتوقف فقط عند قشرتها الخارجية.
لا نستطيع أن نحصر معرض علي سليمان الجديد بتوجه فني محدد، لأنه رغم ما للتعبيرية التجريدية من تأثير في لوحاته، فهو يقدم نفسه ضمن دائرة تجعله غير محصور بتعبير محدد وغير مختصر بسمة مدرسية ضيقة، فاللوحة بالنسبة إليه يمكن أن تأتي بمعالجات وتقنيات مختلفة وان حافظت على الروح الواحدة، وهذا مانجده في خطوات تنقله بين اللوحة القماشية واللوحة الورقية .
إن حضور الأشكال الغرائبية في لوحاته ( الورقية المشغولة بتدرجات الأسود والأبيض ) ليس حضوراً مادياً بقدر ما هو حضور روحي معنوي، وبقدر ما هو في الأساس مدخل للسرد العفوي والتلقائي والتقني الخاص، الناتج عن التجريب والاختبار الدائم ، ولوحاته الورقية تشكل امتداداً لمعرضه السابق في صالة فاتح المدرس ، وفيها نجد الشكل قد ابتعد عن هيئته الواقعية، ودخل في أجواء خاصة زاخرة بالإشارات والرموز والتعابير الذاتية والرؤى الغرائبية، الخاصة بالفنان والبعيدة كل البعد عن كل ماهو مطروح ومألوف ومعروف ومستهلك في معارض الفنانين .
من هنا كان الجمع في المعرض بين التعبيرية الرمزية وبين التجريد اللاشكلي، بين تبسيطه الأشكال الواقعية، وبين ذلك التركيب الذي يقرب اللوحة من صيغة الرسم والتشكيل الغرائبي .
وما هو لافت في المعرض أيضاً تلك الحركات اللونية العريضة، والتي تسبقها إيقاعات ناتجة عن طريقة صب ورش اللون السائل . والحركات اللونية العريضة تهدأ مرة وتعنف مرة أخرى، وتعطي خشونة في أحيان كثيرة، تعبر هي الأخرى عن خشونة الواقع الحياتي المعاش في ظل الضائقة الإقتصادية المتفاقمة ، وتبرز أحياناً بصياغة وحشية تنتجها الحالة الانفعالية عبر حركات الفرشاة التلقائية، التي يتركها تعطي كل ما تملك من حساسيات تعبيرية وجمالية، تتوافق مع الموضوع المطروح في المعرض.
في عدد من اللوحات تشف ألوانه ونلحظ انزياحاً مفاجئاً عن ذلك الاسترسال التعبيري، لإظهار اللغة البصرية الشاعرية والغنائية بلياقة تقنية، بعيدة عن ذلك الصخب اللوني الوحشي الذي نجده في لوحات أخرى، رغم أنه يحازر في تنقله من لون إلى اخر القفزات المفاجئة.
هكذا يضعنا أمام تنوع بارز في أسلوب المعالجة للالوان والإضاءة والانفعال الداخلي, الذي يحرك المساحة ، فبعض اللوحات تبدو هادئة على عكس اللوحات المتجهة نحو التعبير اللوني الوحشي، الذي يلتقط لحظة انفعالية عابرة، وهذا التنقل نجده أحياناً في اللوحة الواحدة من لوحاته الكبيرة.

آخر الأخبار
سورية وإندونيسيا.. شراكة رياضية تنطلق بثقة تعاون مع اليابان في مجالي الإنذار المبكر والرصد الزلزالي مهرجان التحرير الأول يضيء سماء طرطوس.. وعروض فنية ورياضية مبهرة  عودة أكثر من 120 أسرة إلى قرية ديمو بريف حماة الغربي ضوابط القيد والقبول في الصف الأول الثانوي للعام الدراسي القادم نضال الشعار  .. الوزير الذي ربط الجامعات بالوزارات؛ والناس بالاقتصاد   "عمال درعا".. يطالب بتثبيت العمال المؤقتين وإعادة المفصولين  عناية مميزة بقطاع الخيول في حلب الشيباني: العلاقة مع كرواتيا ستكون متعددة الجوانب.. غرليتش رادمان: ندعم استقرار سوريا "ساهم".. تعزيز ثقافة الحفاظ على البيئة في إعزاز  طرطوس تكرّم متفوقيها في الشهادتين  بنزين ومازوت سوريا.. ضعف العالمي وأغلى من دول الجوار  نائب أميركي: حكومة نتنياهو "خرجت عن السيطرة" بعد هجوم الدوحة السعودية:الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا انتهاك للقانون الدولي "أهلاً يا مدرستي".. تهيئة الأطفال للعام الدراسي مباحثات استثمارية بين سوريا وغرفة التجارة الأميركية "المعلم المبدع".. في درعا إدانات دولية متصاعدة للعدوان الإسرائيلي على قطر: تهديد للأمن الإقليمي "الشمول المالي الرقمي".. شراكة المصارف والتكنولوجيا من أجل اقتصاد واعد الشيباني يستقبل وزير الخارجية الكرواتي