لم تؤكد ردود الفعل الغربية المتواصلة على العملية العسكرية الروسية لحماية المواطنين الروس في دونباس، لم تؤكد ازدواجية المعايير التي يتعامل بها الغرب فحسب، بل ذهبت أبعد من ذلك بكثير عندما أكدت مجدداً حقيقة أن دول العالم الغربي وكل ما يدور في فلكها لا تزال تختبئ خلف هالة من الكذب والخداع والزيف، وهي بحسب وصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين امبراطورية من الأكاذيب!؟.
حالة الجُنون والمُجون الغربية التي انتقلت أمس إلى منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة وأروقة المحكمة الجنائية الدولية، تعكس وبوضوح تام حجم السيطرة الكبيرة للولايات المتحدة والغرب الاستعماري على معظم دول العالم ومؤسساته الدولية، وتعكس بالتوازي الحاجة إلى الانفكاك من هذا القيد الاستعماري الذي لم يؤدِّ إلا إلى الدمار والخراب ونشر الفوضى والإرهاب.
ضمن هذا السياق يمكن على الفور فهم أبعاد وحجم الهلع الأميركي والغربي من العملية العسكرية الروسية التي سوف تؤدي إلى تثبيت قواعد وحوامل جديدة للمشهد الدولي و نسف ما تبقى من ركائز الأحادية القطبية، وهذا ما يفسر ويشرح أسباب الهستيريا التي يتوقع أن تتصاعد وتتضاعف خلال الأيام القليلة القادمة بشكل ملحوظ خوفاً وهلعاً من تداعيات ونتائج الخطوة الروسية التي سوف تعيد تصحيح المسار التاريخي برمته.
الولايات المتحدة ومعها حلفاؤها الأوروبيون يبدون عاجزين كلياً عن فعل أي شيء على الأرض لإنقاذ أدواتهم وعملائهم في أوكرانيا، سوى حفلات الردح والقدح وذرف دموع التماسيح على الشعب الأوكراني الذي لطالما أغرقوه كما فعلوا مع كثير من شعوب المنطقة والعالم، بالأكاذيب والأوهام والأحلام الوردية، مقابل أن يكون خنجراً مسموماً في الخاصرة الروسية.
المشهد الدولي بات قاب قوسين أو أدنى من تحولات جيو استراتيجية من شأنها أن تعيد ترتيب العلاقات الدولية والتوازنات العالمية على مبادئ وأسس عادلة وإنسانية تختلف كلياً عن تلك التي كانت تنتهجها أميركا وتتحكم من خلالها بمصائر الدول والشعوب، باختصار شديد، إن ما يجري هو مخاض لعالم جديد تغيب فيه إلى غير رجعة الأحادية القطبية والغطرسة الأميركية.
نبض الحدث-فؤاد الوادي