الثورة – عبد الحميد غانم:
يلعب الإعلام دوراً كبيراً في الأحداث والأزمات التي يشهدها عالم اليوم، فقد أصبح سلاحاً فعالاً وفتاكاً يحسم المعارك أحياناً، ودائماً له دور أساسي في أي حرب بالنظر لتطور تقنياته وأدواته وأساليبه التي تبهر الجمهور وتتحكم باهتماماته.
وفي الحرب الأوكرانية نجد أنّ الولايات المتّحدة الأمريكية والغرب قد استخدما الإعلام من أجل تشويه الحقائق وبث الافتراءات والأكاذيب بحق روسيا، وقاما بحملة إعلامية غير مسبوقة من أجل ابتزاز روسيا، وانحازا بشكل مقيت وغير أخلاقي إلى جانب النظام الحاكم في كييف، كما لعبا دوراً خبيثاً في تأجيج الأوضاع عسكريًا وسياسيًا من خلال التدخّلات المستمرة في الأزمة.
فواشنطن وحكومات الغرب اليوم تقوم بقذف الرئيس الأوكراني في فم التنين من أجل مصالحها، وتعتمدان أسلوب الحرب الذي تم إتباعه في الحرب على سورية، لأن المؤامرة واحدة ضد البلدين.
في المقابل حرصت موسكو على عدم الرد على حملة الاستفزازات الغربية بالمثل من خلال تعاملها الأخلاقي مع الشعب الأوكراني وحرصها على حياة المدنيين أثناء العملية العسكريّة ضد المتطرفين القوميين في أوكرانيا، بُغية عدم تصعيد العداء بين الشعبين، فالشّعبيين الروسي والأوكراني شعب واحد كما أوضحت القيادة الروسية، وثمة فرق كبير بين النظام الخاضع للغرب والشعب الأوكراني الذي يتشارك مع الشعب الروسي الكثير من القيم والتاريخ المشترك، وهذه حقيقة تاريخيّة لا أحد يستطيع بنكرانها.
فمثلاً تحدث الإعلام الغربي عن إسقاط طائرة روسية وقام بعرض مشاهد تعذيب لجنود أو قصف مدن تبين فيما بعد أن المشاهد مجتزأة من أفلام سينمائية قديمة أو أفلام ملفقة لا صحة فيها.
كما قرر الاتحاد الأوروبي حظر قناة (آرتي) ووكالة سبوتنيك الروسيتين، نظراً لأهميتهما الإعلامية في إظهار الحقائق على الأرض، خشية من أن يصدقهما الجمهور الغربي وينصرف عن إعلامه المضلل.
ما من شك أن هذا القرار يخالف القوانين والمواثيق الدولية، ويشكل انتهاكاً صارخاً لحرية الرأي والتعبير، وخطراً حقيقياً على مبادئ حرية الإعلام التي طالما تشدق بها الغرب.
وهذا القرار العدواني الذي ترافق مع المحاولات اللا أخلاقية في تقييد وصول المواطنين في أوروبا إلى هذه القنوات عبر وسائط التواصل الاجتماعي، يشكل انتهاكاً صارخاً لحرية الوصول إلى المعلومات وتمكين الجمهور من الإطلاع على الآراء المتعددة، وحماية حق النفاذ الشامل وغير التمييزي الذي أقره مجتمع المعلومات وحفظته المواثيق الدولية.
وقد رأى اتحاد الصحفيين في سورية بهذا القرار العدواني قرصنة إعلامية موصوفة تفضح النوايا العدوانية الغربية التي تحاول تغييب المشهد الحقيقي وإقصاءه لصالح المعلومات المزيفة والمفبركة التي يبثها طوال الوقت في لغسل عقول المتلقين.
والآن ونحن نرى حجم التضليل والكذب الإعلامي الغربي الذي يتم ضخه في أوكرانيا وغيرها من الأماكن، كيف لنا أن نصدق هذا الغرب وهو يكذب علينا في مواضيع تتعلق بأوطاننا.
لقد صاغ الإعلام الغربي نفس الفبركات التي ساقها في بداية الحرب على سورية، عبر فبركة قصص وهمية كاذبة وتوجيه اتهامات لا أساس لها من الصحة من أجل تشويه صورة القيادة الروسية والتشهير بالموقف الروسي بأوكرانيا.
ومن الملفت للنظر أيضاً في المشهد الإعلامي هو انجرار مواقف بعض وسائل الإعلام العربية والإقليمية خلف الإعلام الغربي عبر مجافاة الحقائق والانخراط في الحملة الإعلامية الغربية المغرضة، وهذا لا يمكن تفسيره سوى شكل من أشكال الضّعف الإعلامي والانقياد لوجهات نظر الغرب والولايات المتّحدة في معاركهما لكسب المغانم السياسية والاقتصادية، وهذا يحصل كثيراً في قنوات عربيّة وتركية، تحت حجج واهية لعدم توفّر معلومات أو الجهل وعدم معرفة بمجريات الأحداث، وهو ما يتطلب من إعلامنا والإعلام المقاوم الوقوف إلى جانب روسيا والدفاع عنها في هذه المعركة الإعلامية وامتلاك ما يلزم لحسم المعركة الإعلامية وتوضيح مواقفها السياسية التي تعمل الحملة الإعلامية الغربية على طمسها وتشويهها… تلك الحملة التي تطبخ بالمطبخ الغربي الصهيوني نفسه التي استهدفت سورية طوال السنوات الماضية.