(مكيجة) التراث بألوان وقتية وزائلة

الثورة – أديب مخزوم:

إذا حاولنا تحليل ورصد الاتجاهات الفنية في نتاج الأجيال المتلاحقة، التي برزت خلال أكثر من ثمانية عقود، في مسار الفن التشكيلي السوري المعاصر، الذي تعامل مع التراث في جوانبه كافة، ولاسيما الزخرفي وما يسمى في الغرب “بالأرابيسك” فإننا سنخرج بانطباعات سلبية عديدة جوهرها، أن الفن التشكيلي السوري، ومعه الفن التشكيلي العربي، لم يكن في كل مراحله المتعاقبة سوى صدى لمعطيات الفن الأوروبي الحديث والمعاصر، ولهذا كانت محاولات تطوير وتجديد هذا التراث مجرد عمليات (مكيجة) بألوان استعراضية ووقتية وزائلة لاتملك مقومات وخصوصيات التراث، وقدرته على التجدد والاستمرار والخلود.
إن المطلع على تاريخ تطور الفن العربي في مجال الرسم والتصوير، وخاصة في قممه التي مثلها يحيى الواسطي، لايمكن إلا أن يخلص لنتيجة محتواها أن الفن العربي حالياً، لم يكن بمثل ذلك العلو أو السمو الذي وصل إليه منذ قرون مع منمنمات الواسطي الذي مثل النهضة العربية الأولى في الفن التصويري.
لاشك بأن الفنان السوري والعربي استطاع أن يجدد بعض الشيء قياساً على السائد والمألوف، لكنه لم يؤسس لنهضة فنية مغايرة وحديثة ومنفلته من إطار التبعية، لأن لهذه الحالة الإبداعية شروطها الخاصة التي لاتتوفر في مثل ظروف الفنان العربي، الذي لايزال يتنفس التخلف حتى و لو كان مقيماً في باريس أو في لندن أو في لوس انجلوس أو في أي مدينة أو عاصمة عالمية، وكانت من أولى دلائل هذا التخلف هو التقليد والاستنساخ والتشبه بالآخر انطلاقاً من الانبهار بحضارة الغرب الأوروبي والأميركي.
هكذا وبعد مقارنة بسيطة مابين معطيات التجارب المتنوعة للفن التشكيلي السوري والعربي، والفنون الأوروبية والأميركية ( لما بعد جاكسون بولوك ) نكتشف أن عندنا مهارات تقنية، وخصوصيات فردية، واحتواء جديد للمدارس الغربية، ضمن الأطر النقدية والتنظيرية الغربية أيضاً.
وهذا يعني أن التعامل مع التراث في التجارب التشكيلية المحلية، يأتي في أكثر الأحيان، ضمن الأطر التقنية التي حددتها مدرسة باريس، في النصف الأول من القرن العشرين.
والأجيال الفنية المتعاقبة في سورية كانت ولا تزال ( حتى في خطوات معالجتها عناصر التراث ) تتفاعل مع الاتجاهات الانطباعية والتعبيرية والوحشية والتكعيبية والتجريدية وغيرها من المدارس الفنية الأوروبية، رغم أن هذه الأساليب قد استنفدت وتجاوزها الزمن منذ سنوات طويلة، ولاسيما بعد ظهور التيارات الجديدة في الفنون اللاتشخيصية ( التركيبية وأعمال التجهيز المنفذة بواسطة الليزر والكمبيوتر وغيرها )، وما رافقها من انقلابات مفهومية في استخدام المواد والعناصر والتقنيات المختلفة.
وإذا عدنا إلى بدايات ظهور الانطباعية السورية في نهاية الأربعينات، على يد مجموعة من الفنانين القادمين من المحترفات المصرية والفرنسية ( ومن ضمنها اللوحات الانطباعية التي استعادت المشاهد المعمارية القديمة والأوابد الحضارية) وحاولنا مقارنتها باللوحات الانطباعية، التي ظهرت في باريس في الربع الأخير من القرن التاسع عشر، نجد أن ردة الفنانين السوريين الرواد إلى الرسم الانطباعي وتبدلات اللون والضوء، لم تكن إلا نوعاً من التقليد، أو التفاعل العفوي مع الأفكار الانطباعية الفرنسية الحديثة، وهذا ينطبق على اللوحات التجريدية التي تعاملت مع التراث الزخرفي والحروفي بتقنيات غربية بحتة، ليس فيها لمسة شرقية.
لاشك أن التحديث الأوروبي الصرف، قد أوصلنا الى مشكلة حقيقية، يرددها الجميع تفيد بوجود ثغرة كبيرة في العلاقة بين خصوصيات وفرادة تراثنا الحضاري واللوحة التراثية الحالية، ومع ذلك نحن نرفض العودة الى الزخارف والصيغ والأشكال الجاهزة، لابد اذاً من استقطاب العين الذواقة الأكثر قدرة على استشراق العلاقة المتوازنة بين الماضي والحاضر، وبين الشرق والغرب، وبين الأصالة والحداثة.

آخر الأخبار
دمج سوريا في المجتمع الدولي مسؤولية جماعية واستحقاق استراتيجي    Media line  زيارة الشيباني إلى موسكو.. اختبار لنوايا روسيا أم إعادة صياغة لتحالف قديم الغاز الأذربيجاني إلى سوريا.. خبيرة تنموية لـ"الثورة": تأثيرات اقتصادية على المدى المتوسط    د.يحيى السيد عمر لـ"الثورة": الطريق طويل لشراكة اقتصادية مع روسيا استخدمه بحذر... ChatGPT ليس سريا كما تظن  تركيب محولة كهرباء جديدة في كفير الزيت بوادي بردى بين الحقيقة والتزييف..الأمن العام السوري صمّام أمان الدولة الهوية لا تعرف الحدود... والدولة ترسّخها بالرعاية والمسؤولية  أهالٍ من نوى يؤكدون على الوحدة الوطنية ودعم الجيش والقيادة من مظاهرات الثورة السورية في باريس.. الدكتورة هنادي قوقو "الثائرة الرقيقة" الدفاع المدني يحمّل فصائل السويداء مسؤولية اختطاف حمزة العمارين: العمل الإنساني ليس هدفاً مشاعاً مظلوم عبدي: اتفاقنا مع دمشق خطوة محورية نحو الاستقرار وبناء جيش وطني جامع  " الخارجية " تُعلن عن زيارة وفد تقني إلى السودان لبحث أوضاع الجالية السورية " الخارجية" تطلق خدمات قنصلية مؤقتة للجالية في ليبيا بانتظار افتتاح السفارة الرسمية منظمات حقوقية تحذر: خطة لبنان لإعادة اللاجئين السوريين تُهدد بترحيل قسري جماعي  مبادرة الغاز الأذربيجاني إلى سوريا تحظى بإشادة أميركية وتأكيد قطري على دعم الاستقرار الخطوط الجوية التركية تعود إلى أجواء حلب بعد 13 عاماً من الانقطاع "غرف الزراعة":  آلية جديدة لتحديد أسعار الفروج الحي من الدواجن الوزير الشيباني: الجاليات السورية ركيزة لتعافي البلاد وتعزيز حضورها الخارجي تحسين واقع الشبكة الكهربائية في القنيطرة