تستغربْ كيف لفيض كل تلك المشاعر أن يهدأ ويبرد..
هكذا فجأة.. وكأنه ما كان.
بسرعة قياسية نفضت عن قلبها كل ما علق به من “وسوسات الحب”.
أدركتْ لاحقاً أن زخم إظهار العواطف وشدّة عبورها من الآخر نحوك ليس بالضرورة مقياساً على جدّيتها وصدقها..
كأن مشاعرنا أصبحت نوعاً من كبسولات نأخذها عند الطلب أو عند الحاجة.
بدورنا أصبحنا مخبّأين في صندوق الألوان “الذكي” الذي يلبي حاجياتنا كلها دون أي استثناء حتى المشاعر أصبحت مشاعر تحت الطلب..
والعلاقات مفرزة سلفاً لتحقق شرط الابتعاد قبل القرب/الاقتراب.
بالنسبة له، لم يلحظ سرعة تجاور المتناقضات في سعيه اللافت للحفاظ على ما أطلق عليه (حبّ عن بعد) أو (حبّ عابر).. يتفاعل، بكل كيانه، مع ما يدعوه حياة اجتماعية، كأنها أكثر من واقعية.
تدهشها قدرته المذهلة على الاندماج والانصهار الكامل مع نمط العيش الذي اختار..
حياة الصندوق أو علاقات “الجيب العِلْوي”، كما أطلق عليها يوماً الباحث زيجموند باومن..
فيها كل شيء حقيقي.. سوى الحقيقة نفسها..
كلمات.. عبارات.. صور.. فيديوهات.. مشاعر.. وما شاء لك من “كولكيشن” الحياة البديلة أو حياة الاستغناء أكثر من كونها حياة مصمّمة للاستبقاء/البقاء.
هل أصبحت مشاعرها فعلياً ضمن آلة “الاستهلاك العاطفي”..؟
فهي لم تستهجن، كما عادتها، سرعة تقلب مشاعرها.. وقدرتها الواضحة حديثاً على الابتعاد أو الاستغناء.
بطريقة مغايرة ستقرأ عبارة “بيونغ تشول هان”: (أعتقد أنه اليوم، الضجيج الرقمي ضجيج الاتصالات يطغى بشكل مستمر أكثر وأكثر على الخلوة والهدوء)..
بطريقة مغايرة.. تراه نوعاً من الاندماج أو الطغيان على ذاك الضجيج الداخلي.
ضجيج “الآخر” الرقمي بالنسبة لها نوع من الخلوة.. وممارسة حالة من الهدوء والصفاء الذي يُعيدنا إلى أنفسنا أكثر فهماً لها.
ولهذا، في كل ضجيج.. ومع كل “آخر” آتٍ عبر شطآن التواصل الرقمي تكتشف أكثر.. وكأنها تعثر على قطع فسيفساء (الذات) المطوّية خلف جدران الروتين اليومي.
رؤية- لميس علي