حين تنادي الأمم المتحدة بالسلام والكرامة والمساواة على كوكب الأرض يجب أن تسلك منظماتها الدولية الطرق السليمة وتتبنى الحيادية في التعامل مع قضايا وأزمات ملحة بعيداً عن التسييس والانحياز لجانب دون آخر، والطامة الكبرى أن يكون الطرف المنحازة إليه هو الجلاد على حساب الضحية.
في جميع المناطق التي تعرضت وتتعرض لأزمات افتعلتها يد الغرب نجد القرارات الأممية دوماً في صف الدول الغربية، ونرى نفس السيناريو يتكرر ضد روسيا كما حصل مع سورية بالنسبة لانحياز مجلس الأمن للغرب وتسييس ملفات تتعلق بالأزمة في سورية خصوصاً الإنساني منها، والتدخل بشكل سافر لإرضاء دول غربية في المجلس لتمرير قرارات تخدم هذه الدول على حساب أصحاب الحقوق، في خروقات كبيرة وخطيرة لجميع المواثيق والقوانين الدولية.
بالأمس تجاوزت الأمم المتحدة صلاحياتها بتبنّيها المشروع الغربي حول الوضع الإنساني في أوكرانيا، لكن موسكو بدبلوماسيتها الدقيقة استطاعت الرد على الخرق الأممي الجديد بالخروج عن سياق الصلاحيات المرسومة لمنظمة أممية من المفترض أن تكون على مسافة واحدة من جميع الأطراف على أقل تقدير، والوقوف إلى جانب الحق الذي ضاع في أروقتها في كثير من القضايا والأزمات.
الرضوخ الأممي واضح للدول الغربية، لكن الضغوط الكبيرة ليست مبرراً لانصياع المنظمات الأممية لرغبة الغرب الذي تقوده واشنطن، إلا إذا كانت تلك المنظمات أصبحت رهينة بيد الغرب، وهو واقع الحال على ضوء ما يصدر عنها من قرارات ومشاريع تخدم مصالحهم.
موسكو وصفت القرار الغربي الذي تبنته الأمم المتحدة بأنه “وثيقة إنسانية زائفة هدفه الوحيد إلقاء اللوم على روسيا”، وأحرجت أنطونيو غوتيرش الأمين العام للأمم المتحدة حين طالبته بتقييم مدى شرعية وجود القوات الأمريكية في سورية حسب ميثاق الأمم المتحدة داعية إياه الى الإقرار علناً بأنه احتلال.
غوتيرش لن يملك الشجاعة للرد على ما طلبته منه موسكو، لأن واشنطن المحتلة لأراض سورية لن تكون راضية عنه حينها، مع أن الحقيقة واضحة كالشمس في عز الظهيرة، وسيرددها غوتيرش إن لم يكن في العلن في باطن سريرته، ويقول “إن ذلك احتلال للأراضي السورية ولا سيما في التنف” وهذا أمر يؤكده ميثاق الأمم المتحدة ولا لبس فيه.
البقعة الساخنة- منهل إبراهيم
السابق
التالي