الثورة – تحليل لميس عودة:
اذا أردت أن تعرف من يضع العالم على فوهة بركان فوضى إرهابية وينزع فتيل التهدئة الدبلوماسية وإحقاق الحقوق، فتش عن الشيطان الأميركي الحاضر في كل تفاصيل تعقيد العلاقات الدولية وتأزيم الأوضاع ، فمخزون الشر الأميركي لا ينضب والرغبة المحمومة بالاستثمار في صفقات الموت والسلاح لتهديد أمن الدول وتقويض استقرارها لا تهدأ الا بتطويق الدول التي تناصبها واشنطن العداء كروسيا والصين بزنار نار أزمات وحروب.
تدرك واشنطن جيدا أن الصين قوة اقتصادية وسياسية وعسكرية لها ثقلها في ميزان القوى العالمي و لا يمكن حجبها أو إقصائها عن مشهد التوازنات الدولية، الامر الذي لا يروق للإدارة الأميركية المتورمة بالتفرد القطبي وتريد للكرة الأرضية ان تضبط إيقاع دورانها وفق مصالحها.
من اتفاقية “اوكوس”لضمان عربدة اميركية طويلة الامد في المحيطين الهندي والهادي وتهديد أمن الصين الى عقد صفقات بيع الاسلحة لتايوان بقيمة 95 مليون دولار لتأجيج جبهتها والشد على أيدي مراميها الانفصالية غير القانونية ، تمارس واشنطن طقوس حربها غير الاخلاقية ضد الصين، في مشهد يشي بالكثير من المجون العسكري المنفلت من ضوابط احترام سيادة الدول على كامل أراضيها المعترف بها دوليا.
بكين تعي المآرب الحقيقية لواشنطن من وراء صفقات الأسلحة لتايوان المتواصلة منذ مدة لذلك حذرتها من اللعب بالنار، فتايوان جزء من أراضي الصين الواحدة وصفقة العتاد العسكري هذه هي ثالث حزمة أسلحة من الولايات المتحدة إلى تايبيه منذ تولي جو بايدن منصبه في سياسة استفزاز واضحة للصين التي تعتبر وحدة أراضيها خطاً أحمر وأن الغمز الاميركي من قناة عسكرة تايوان له تداعيات خطيرة .
وقد أبدت بكين مراراً معارضتها الأنشطة الانفصالية والتدخلات الخارجية في ملف تايوان، وشددت على التمسك بمبدأ “صين واحدة”.
كما لفتت الخارجية الصينية في وقت سابق الى أن “الولايات المتحدة تضخم مرور سفنها الحربية عبر مضيق تايوان، إن كان قصدها إرسال رسالة لدعم استقلال تايوان، فإن هذه التصرفات لن تؤدي إلا إلى تسريع انهيار قوي لاستقلال تايوان، وستدفع الولايات المتحدة ثمناً باهظاً لأفعالها” .
مضيفة إنه “إذا حاولت أميركا ترهيب الصين، والضغط عليها بهذه الطريقة، لدينا هذا التحذير الصارم : ما يسمى بالردع العسكري سوف يتحول إلى نفايات حديدية عند مواجهة السور العظيم الحديدي المتكون من 1.4 مليار صيني”.
ويمثل صعود الصين القوي والمتين في شتى المجالات التحدي الأكبر الذي يواجه صناع القرار في واشنطن، فهي بالنسبة لهم الخصم القوي الذي ثبت ثقله عالمياً بمداميك التفوق النوعي ،ما سيزيح واشنطن من العديد من مواقع السطوة العالمية التي مارستها اميركا لقرن غابر، لذلك تسعى لجعل تايوان خنجراً في الخاصرة الصينية كأسلوب تعتمده واشنطن في ملهاة ارهابها.
فمنذ بداية القرن الحادي والعشرين صعدت الصين لتصبح أكبر اقتصاد و ورشة تصنيع في العالم والشريك التجاري الأول لمعظم الاقتصادات الرئيسية، وأيضا المحرك الأول لنمو الاقتصاد العالمي وذلك بحسب نظام القياس الذي تحدد من خلاله وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية اقتصادات العالم، ما يشكل هاجس ذعر لواشنطن.