الثورة – تعليق راغب العطيه:
عبث الولايات المتحدة الاميركية باستقرار الدول لم يتوقف في يوم من الايام، وكأنها لا تشعر بالراحة إلا عندما ترى الفوضى والحرائق تعم في كل مكان، ولم يسلم من عبثها احد حتى حلفاؤها المقربون الذين تبتزهم بين فترة وأخرى بطرقها الخبيثة هذه لسلب الأموال منهم بدعوى حمايتهم والحفاظ على سلطانهم.
ومن الامثلة التي سنتناولها في هذا المقال، الحالة الباكستانية التي على ما يبدو أنها مقبلة على مرحلة دقيقة جدا، والتي بدأت فصولها منذ عدة أسابيع وصولا الى حل البرلمان على خلفية محاولات المعارضة لحجب الثقة عن حكومة عمران خان المناوئ لسياسات واشنطن في باكستان والمنطقة، والأصابع الاميركية في هذا الشأن أشار إليها رئيس الوزراء الباكستاني خان بشكل صريح دون مواربة، حيث قال: إن التصويت لحجب الثقة عن الحكومة كان جزءا من مؤامرة تقودها الولايات المتحدة للإطاحة به من السلطة.
وقد تبلور الموقف الأميركي المعادي لخان بعد عدة مواقف أعلنها الزعيم الباكستاني الذي يعمل لمصلحة شعبه وشعوب المنطقة، وليس لخدمة الاجندات الاميركية والصهيونية.
ولعل مقولته “لسنا عبيدا لكم” والتي جاءت رفضا للمطالب الغربية بإدانة العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، وردا مباشرا على الطلب المقدم من رؤساء ٢٢ بعثة أوربية لإدانة موسكو التي زارها في شباط الماضي ايذانا بالتقارب وفتح العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، هذه المقولة قطعت الشك باليقين لدى الادارة الاميركية بأن خان لم يكن في يوم من الايام تحت العباءة الاميركية، خاصة وأن كل المواقف التي اتخذها خلال وجوده بالسلطة لا تتوافق مع مخططات البيت الابيض في باكستان والمنطقة بشكل عام.
فمن رفضه لاقامة قواعد عسكرية أميركية على الاراضي الباكستانية بالقرب من الحدود الصينية، الى تنامي العلاقات الوطيدة بين اسلام آباد وطهران، الى الانضمام لمبادرة الحزام والطريق وتوقيع اتفاق تعاون اقتصادي كبير مع الصين، الى رفضه للمشاركة في الحرب العدوانية على اليمن، مرورا بموقفه الرافض للتطبيع مع الكيان الصهيوني، اضافة الى العلاقة مع طالبان الافغانية، هذه المواقف وغيرها تجعل الزعيم الباكستاني يمضي قدما في مشاريعه الوطنية معتمدا على دعم الشعب الباكستاني له، على عكس المعارضة التي تراهن على الدعم الاميركي لها.
وما بين الرهان على الشعب الذي يمثله رئيس الوزراء الباكستاني عمر خان، والرهان على الاميركي الذي تجسده المعارضة المرتبطة بالولايات المتحدة، ستجري في باكستان الانتخابات البرلمانية المبكرة التي اعلن عنها الرئيس عارف علوي خلال الفترة المحددة بثلاثة أشهر، وعندها سوف ينحسم الجدل و من المؤكد أنه سيكون لمصلحة الشعب الباكستاني.