الثورة – طرطوس – فادية مجد:
ما زال مواطنو طرطوس يكتوون بنار الأسعار ولسان حالهم يقول هل يعقل أن تكون المحافظة التي تعرف بالزراعات المحمية أن تصل لمرحلة تشكو غلاء أسعارها، وليكتفي مواطنوها بالاكتفاء بشراء ( كيلو او 2 كيلو) من الخضار، مع ربطة بقدونس أو بصل أخضر أو خسة واحدة في أحسن الأحوال.
وفي جولة قمنا بها في سوق الخضار الكائن عند الكراج القديم وهو سوق شعبي غير معروف بغلاء أسعاره، سجلت أسعار الخضار انخفاضاً طفيفاً عن جنون الأسعار في الأيام الماضية، حيث تراوح سعر كيلو البندورة بين ٣٥٠٠ و٤٥٠٠ ليرة، بعد أن وصل منذ أيام الى ٦٠٠٠ ليرة.
وبحسبة صغيرة ٢ كيلو من البندورة النوع الوسط سبعة آلاف ليرة، هذا إن كان سيستخدم في إعداد طبق سلطة أو تبولة أو فتوش وهنا القائمة تطول وترتفع وقد تصل إلى خمسة عشر ألف ليرة، كطبق مقبلات مرافق لوجبة الطعام الأساسية.
تقول أم أحمد إحدى المتسوقات التي التقيناها في سوق الخضار: لم نصل إلى هذا الغلاء الفاحش منذ سنوات، منذ متى كانت البندورة والبطاطا بتلك الأسعار الملتهبة، ومعروف أنها طعام الدارويش؟!
وتتابع: كل يوم هناك طبخة، خاصة في شهر رمضان، ونحتار ماذا نشتري، فالأسعار نار، وأبسط طبخة وهي مفركة البطاطا مع البيض تكلفني ٢ كيلو مع البيض عدد ٤ والبصل والزيت والفلفل لعائلتي المكونة من أربعة أشخاص حوالي ٨٠٠٠ ليرة دون حساب أي صنف آخر من سلطة أو شوربة عدس أو نوع آخر من الطعام.
وخلال جولتنا في السوق وجدنا أن الكوسا حجم كبير وصل سعر الكيلو إلى ٣٠٠٠ ليرة، وكوسا المحاشي ٤٠٠٠ ليرة، فيما بلغ سعر الباذنجان المدعبل ٨٥٠، وباذنجان المحاشي ٩٠٠ ليرة، والفول الأخضر ٨٠٠ ليرة، والزهرة تراوح سعرها بين ١٠٠٠ و١٣٠٠ ليرة، والبطاطا المالحة ب ٢٥٠٠ ليرة ، والخيار ب ٤٥٠٠ ليرة وحافظت الخضار الورقية على أسعارها فربطة البقدونس والنعناع والبقلة ب ٥٠٠ ليرة، أما الخسة الواحدة فتراوح سعرها حسب حجمها بين ٥٠٠ إلى ١٥٠٠ ليرة، فيما وصل سعر كيلو البصل الفريك إلى ٨٥٠ ليرة والبصل اليابس الكيلو ب ١٢٠٠ ليرة.
أما الفاصولياء ( العريضة ) فقد سجلت انخفاضاً عن سعرها الذي وصلته منذ أيام حيث بلغ سعر الكيلو ٨٠٠٠ ليرة بدل ١٢٠٠٠ ليرة.
أغلب المتسوقين الذين التقيناهم حرصوا على شراء نوعين بالأكثر من الخضار بسبب غلاء الأسعار، مشيرين إلى أن اعتمادهم فقط على وجبة واحدة وصحن شوربة، أما الفتوش والتبولة فأغلبهم ألغاه من قائمته الرمضانية، مكتفين بالبندورة مطبوخة مع البطاطا او الباذنجان أو الكوسا. ومقبلاتهم أصبحت بصلاً أخضر أو نعناعاً أو فجلاً في أحسن الأحوال.
أم علي عند سؤالنا لها عن كيفية تدبر أمرها في إعداد وجبات الطعام قالت لنا: الله يعين العالم، كيف لنا ولهم تدبير أمورهم، ( يادوب عم نأكل أبسط الطبخات)، واللحم والتمور والعصائر أصبحت خارج حسابتنا، مضيفة: الأسعار لا تتناسب أبداً مع دخل الموظف وغير الموظف، فكلاهما لا يستطيع العيش اليوم كما كان سابقاً، فالأسعار نار كاوية، ونزلة السوق أصبحت مصدر قلق وهم وحيرة، بالتفكير بشراء خضار لا ترهق ميزانيتي، فكل يوم هناك طبخة، وإرهاق مادي جديد.
من جهته، عزا الباعة الغلاء إلى أن أسعار الخضار مرتفعة من أرضها، وأنهم يبيعون الخضار مع ربح بسيط يستطيعون من خلاله دفع إيجار محالهم وتدبر حياتهم المعيشية.
وأضاف آخر بأن الأسعار مرتفعة بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج على المزارع، خاصة البيوت البلاستيكية، التي تكلّف الكثير بدءاً من شرائح النايلون والأسمدة وانتهاء بتكاليف تدفئة المحصول شتاء، مشيراً أيضاً إلى الخسارة الكبيرة التي تعرض لها عدد من المزارعين بسبب التنانين البحرية التي ضربت مناطق الإنتاج، والصقيع الأخير كلها أمور ساهمت في رفع أسعار البندورة والفاصولياء وبقية الانواع، مبيناً أنه مع ارتفاع الحرارة ستتراجع الأسعار وتنخفض وتكون مقبولة.
أبو ابراهيم اشتكى من غلاء الأسعار وقال: الفروج واللحمة الحمراء لغيناها من موائدنا، ولكن كيف لنا أن نلغي الخضار والبطاطا من قوائمنا، ارحمونا وخفضوا الأسعار وعاقبوا كل متجاوز لا يتقيد بالتسعيرة، متساءلاً عن دور السورية للتجارة وأين الخضار التي تسوقتها من الفلاحين، ووعدت بضخها في الأسواق وبالتالي انخفاض أسعارها، أين هي من وعودها.
هو غلاء لم يعد بمقدور المواطن صاحب الدخل المحدود تحمله، لينام كل يوم ويستيقظ على أسعار جديدة، هو حديث الغلاء، وقلة الحيلة أمام استعار أسعار وجشع الباعة، وغياب الرقابة فهل سيطول هذا الحديث وتلك المعاناة؟!.