تعج الصفحات الفيسبوكية ومواقع التواصل الاجتماعي والصحف الإلكترونية بالشكاوى المتنوعة، وهي تخص مختلف الجهات المعنية الخدمية التي غالباً ما تدعو المواطن إلى الشكوى وضرورة تفعيل ثقافتها، وتتحدث عن تدني في نسبة الشكاوى المقدمة وتعاون المواطن لرصد الخلل في جهة ما.
وبالفعل وعلى سبيل المثال مؤخراً تحدثت بيانات لوزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك عن عدد الشكاوى المقدمة في مديرياتها بالمحافظات والتي لم تتجاوز 362 شكوى مايعني وبشكل نسبي تقديم شكوى واحدة في اليوم على مستوى كل المحافظات.. بينما نجد نسبة الشكاوى على أرض الواقع و على الشبكة الإلكترونية أكثر بكثير، وهذا على مستوى وزارة التجارة الداخلية التي وضعت أرقاماً أرضية وموبايل وتطبيق عين المواطن، فما بالكم ببقية الوزارات والجهات المعنية التي لم تضع أي رقم هاتفي أو وسيلة لاستقبال الشكوى إلا عن طريق تقديم الطلبات.. هذا إن كانت الطريق سالكة إلى مكاتب المديرين والشكاوى.
والسؤال الذي يطرح نفسه لجهة تدني عدد الشكاوى الرسمية في مختلف الجهات الخدمية وهذا بالتأكيد له أسبابه، لكن هل هناك من يهمه الأمر ويتساءل عن السبب؟ ، أم أن هذه الجهات مرتاحة في أنها لا تجد الكثير من الشكاوى لحلها وعلى الأقل فإن وزارة التجارة الداخلية تحدثت عن رقم لعدد الشكاوى و لو كان متدنياً، بينما جهات أخرى لاتحدثنا عن حجم الشكاوى ومعالجتها.
وإذا ما عدنا إلى أسباب تدني عدد الشكاوى وتراجع ثقافة الشكوى لدى المواطن، سنجد أن أول سبب لتراجع هذه الثقافة: هو عدم التجاوب مع الشكاوى وخاصة لدى دوائر الجهات الخدمية من بلديات ومجالس محلية باعتبارها الأكثر تماساً مع المشكلات الخدمية للمواطن، ناهيك عن أن الكثير من الشكاوى الخدمية تذهب طي الأدراج إذا لم يملك أصحابها من يدعمهم لإيصالها للجهة المعنية(الواسطة أو المحسوبية).
تفعيل ثقافة الشكوى واستقبال الشكاوى ومعالجتها بمختلف أنواعها هو جزء لا يتجزأ من الإدارة الصحيحة الناجحة و تطوير العمل، ويسهم في تحقيق حالة من الرضا واكتساب ثقة المواطن التي يعززها تجاوب الجهات المعنية مع قضاياه ومشكلاته، فهذا عملها.. لأنها وجدت أساساً لتقديم الخدمات وحل المشكلات وتطوير المجتمع وتنميته معنوياً واقتصادياً.
الكنز – رولا عيسى