عزة شتيوي:
عندما هرولت واشنطن إلى سورية في عام ٢٠١٥ محتلة أجزاء من الشمال والشمال الشرقي وقبعت فوق آبار النفط، لم تكن نية محاربة تنظيم داعش هي الأساس بل العكس هو الصحيح لدرجة أن التحالف الستيني لمكافحة الإرهاب وعلى رأسه واشنطن وكل التطور العسكري لهذه البلدان المشاركة فيه لم يستطع هزيمة (الإرهابي الداعشي )القادم من عقلية كهوف التاريخ، لأن دول التحالف كانت تحاربه بسيف من ورق وبأسلحة خلبية وتدعم التنظيم لتتمدد واشنطن في ظل خيم داعش والنصرة.
الحقيقة الثابتة حتى اللحظة أن وجود الاحتلال الأميركي في سورية هو لصوصية ونهب لثروات الشعب السوري وقطع لطريق حلول الأزمات الاقتصادية والعسكرية والسياسية، ولطالما كان التساؤل لماذا تقبع واشنطن حول حقول النفط والغاز السوري.. وما هي أهداف الاحتلال الأميركي لسورية بتواجد حوالي ٣٠٠٠ جندي أميركي يجاورون النصرة وداعش ويتعاونون معها ومع العناصر الانفصالية لنهب الشعب السوري وحصاره.
أقام الاحتلال الأميركي في سورية الكثير من القواعد العسكرية ولا تأتي خياراته في التموضع إلا لتحقق هدفين مباشرين: الهدف الأول هو قطع التواصل بين دول محور المقاومة من سورية إلى العراق، أما الهدف الثاني هو التمركز الأميركي داخل أو قرب حقول النفط والغاز السوري وهذا واضح من خرائط احتلاله.
خرائط اللص الأميركي وتموضع قواعد احتلاله
– قاعدة “حقل العمر” في ريف محافظة دير الزور، وهو من أغزر حقول النفطية السوريّة إنتاجاً، وتقوم قوات الاحتلال الأميركي بسرقة نفطه بالكامل، وتضمّ القاعدة مهبطاً للطيران المروحيّ والمسيّر وعدداً من المروحيات القتاليّة ومئات من جنود الاحتلال.
– قاعدة “الرميلان” تقع في ريف محافظة الحسكة الشماليّ على الطريق بين مدينتي القامشلي والمالكية، وتضم أهمّ وأقدم منشآت النفط السوري ومن هناك تحديداً، بدأ الاحتلال الأميركي بسرقة النفط السوريّ.
– قاعدة “المالكيّة” التي تقع على أطراف مدينة المالكية القريبة من الحدود العراقية في أقصى ريف محافظة الحسكة الشماليّ وإضافة إلى وجود حقول النفط التي تغذي منشأة “الرميلان” القريبة، هناك أيضاً مطار زراعيّ عمدت قوات الاحتلال إلى توسيعه، ليتمّ استخدامه كمطار عسكريّ يستخدم للطيران المسيّر والطوّافات على وجه الخصوص.
– قاعدة “الشدّادي” في ريف محافظة الحسكة، تقع في حقل الغاز المحاذي لمدينة الشدادي النفطية من جهة الجنوب الشرقيّ، ويشغلها أكثر من 350 جندياً أميركيّاً، وتحوي مهبطاً للطائرات المسيّرة والمروحيّة.
وتقيم قوات الاحتلال الأميركية قاعدة عسكرية في حقل الغاز “كونيكو”، الواقع شماليّ مدينة دير الزور في الشرق السورية، وهو واحد من أهمّ حقول الغاز السورية في تلك المنطقة، كذلك الأمر في “حقل التنك” النفطي في ريف دير الزور، والذي يحوي عدة مروحيات قتالية، ويضمّ أكثر من 50 جنديّاً أميركيّاً، إضافة إلى قاعدة عسكرية في “المدينة الرياضية” على أطراف مدينة الحسكة قرب “سجن غويران” الذي أعلنت منه واشنطن عودة تنظيم داعش من مؤخراً عبر مسرحية كبرى بالتعاون مع “قسد”.
لم تكتف واشنطن بتهريب النفط السوري وسرقته سراً بالتعاون مع “داعش” بل أخرجت إلى العلن وبكل وقاحة التعاون بين “قسد” وواشنطن في السرقة الموصوفة للنفط السوري.
وبدأت ميليشيات “قسد” الانفصالية باستخراج النفط السوري تحت إشراف الاحتلال الأميركي ولصالحه، كما دفعت واشنطن “قسد” إلى التعاقد غير الشرعيّ مع شركات أميركية لتطوير الحقول ونهب خيراتها وهو مخالف لكل الأعراف والقوانين الدولية، فثروة البلدان هي ملك لشعبها وليس لعملاء أعداء هذا البلد.
ففي العام 2020، رعت الإدارة الأميركية السابقة اتّفاقية وقّعها الانفصاليون من “قسد” مع شركة “دلتا كريسنت إنيرجي” الأميركية، التي تعهّدت بزيادة الإنتاج ليصل إلى حدود 380 ألف برميل خلال 20 شهراً، وهو ما حذرت منه دمشق، ودفع موسكو إلى توجيه اتّهام صريح لواشنطن بسرقة النفط السوري وخصوصاً بعد أنْ توالت مشاهد الصهاريج الأميركية التي تنقل هذا النفط عبر معابر غير شرعيّة باتجاه العراق خلال السنوات القليلة الماضية.
وفي هذا العام قامت قوات الاحتلال الأميركية بتركيب مصفاة لتكرير النفط في حقول الرميلان السورية.
ولم يكتف الاحتلال الأميركيّ بسرقة النفط والغاز السوريين، بل عمد إلى نهب القمح والحبوب خاصة في منطقة الجزيرة السورية التي تعد خزانا غذائيا للسوريين وسيطر على صوامع الحبوب في مناطق اليعربيّة (تلّ علو) والقامشلي وتلّ براك ونقلها باتّجاه العراق، في عمليّة سطو، أمّا ما لم تستطع واشنطن نهبه من حقول القمح، فقد أحرقته في الأرض أمام أنظار العالم كلّه لتحرم الشعب السوري من الغذاء ولتضرب على معدته بعد أن صمد في الميدان وقدم الدماء على مذبح استقلال الوطن.
لا تتحدث واشنطن كثيراً عن أسباب احتلالها لسورية ولا تلوح بالانسحاب بل إن الدولة العميقة في أميركا أغلقت فم دونالد ترامب عندما فكر بالخروج من سورية، وظللته بأعداد جنود الاحتلال في الشمال السوري.. فالواضح والمفضوح أن سرقة الشعب السوري وتجويعه ونهب ثرواته هو هدف واشنطن التي فرضت عقوبات عليه تحت تسمية “قيصر” خاصة أنها تسخر عملائها وتدفع لهم ثمن العمالة حصة من اللصوصية التي تمارسها واشنطن علناً في سورية، ولكن الشعب السوري وقيادته وجيشه والمقاومة الشعبية ستخرج واشنطن ذليلة كما أخرجت أدواتها الإرهابية من معظم الأراضي السورية.