كان لافتاً أن يُعاد الحديث عن السيناريو القديم الحديث لآلية الدعم، لكن هذه المرة من بوابة ” البدل النقدي” كبديل لآلية الدعم الحالية التي مازالت تُثير الكثير من التساؤلات نتيجة كثرة الأخطاء التي رافقتها مع بداية التطبيق ومازالت حتى الآن تحصد نتيجتها آلاف الأسر المستحقة للدعم.
التصريح الأخير لوزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك والذي أكد فيه أن اقتراح آلية الدعم النقدي تم طرحها منذ زمن كبديل لآلية الدعم الحالية هي الآن ضمن مرحلة النقاش مع الفريق الاقتصادي ومجلس الوزراء.
لكن ماذا يعني ذلك؟ هل سندخل مرة أخرى بمرحلة تجريب جديدة؟ وهل لدى الحكومة تصور واضح وآلية ومعايير موضوعية لكيفية إيصال البدل النقدي لمستحقيه بالفعل؟ وهل لديها الإيرادات الكافية لذلك في ظل الحديث عن عجز للموازنة وفق تصريحات وزارة المالية… والكثير الكثير من التساؤلات التي تدور في ذهن أي مواطن.
قد تكون بعض الإجابات مقنعة خاصة لجهة توفر الإيرادات التي سيتم تحويلها كبدل نقدي من بند الدعم الاجتماعي والوفورات التي ستحقق نتيجة تحمل الدولة هذا العبء الكبير للدعم الذي يُقدم والذي أصبح فوق قدرتها المالية في ظل تراجع الإنتاج والاعتماد على الاستيراد للمواد الأساسية بالقطع الأجنبي.
إدارة هذا الملف بالطريقة التي يتم الحديث عنها يجب أن تكون مختلفة تماماً عن السيناريو المطبق حالياً لجهة المعايير والتوقيت وطريقة الاستبعاد بدون أن تنسى الجهات الحكومية أن هناك مسؤولية مجتمعية على عاتقها.
قد يكون إعادة النظر بالسيناريو الحالي أكثر نجاعة في حال تم ضبط الفساد والهدر الكبيرين في مؤسسات الدعم لتأمين ما تستحقه تلك الأسر التي تدخل ضمن خانة الدعم، ولا نعتقد أن الأمر بهذه الصعوبة بحال طُبق وفق معايير موضوعية منها تغيير عقلية التعاطي مع ملف الدعم وبالتالي إغلاق قنوات الفساد الكثيرة والبدء بالمحاسبة.
ما يريده المستحق للدعم أياً كان شكله نقدياً أو بطرق أخرى إيجاد مقاربة تُركز على تعويم العدالة الاجتماعية، وحبذا لو يتم مشاركة المواطن عبر منصة خاصة بذلك لإبداء وطرح الأفكار للتوصل لآلية منطقية لكيلا نكرر التجارب السابقة ونُعيد الأخطاء نفسها التي ستكون هذه المرة كارثية على مختلف المستويات، فهل ننجح هذه المرة؟!!