لم أكد أبدأ اتصالي، حتى قاطعتني موظفة المعهد بالقول: (إن التسجيل للدورة الصيفية لطلاب الشهادتين يكاد أن ينتهي وما علي إذا أردت التسجيل لأبني إلا المسارعة فوراً إلى المعهد ودفع كامل المبلغ – تكلفة الدورة- أو نصفه، على أن أدفع الباقي قبل بدء الدورة”!!، وعند سؤالي عن كلفة الدورة، أجابت أن كلفتها 420 ألفاً وهي تغطي دروس الفصل الأول فقط، ولمدة 3 شهور أيضاً؟!.
لقد تناولنا هذا الموضوع كثيراً موضوع ارتفاع تكاليف وأجور المعاهد الخاصة والدروس الخصوصية، إلى درجة أنه لم يعد لدينا شيئاً نضيفه أو نكتبه وكأننا نصرخ في واد عميق ، فلا هناك استجابة ولا هناك أدنى مراقبة أو محاسبة من المعنيين بالأمر، وكأنه طوفان جارف لا يزال يأخذ في طريقه كل ما هو جميل ونبيل فينا.
الحديث عن ظاهرة المعاهد الخاصة والدروس الخصوصية التي تحولت فجأة إلى ثقافة مجتمعية، وإلى وباء قاتل، حديث يطول ويطول، لأنه يستدعي الغوص عميقاً في أسبابها ومسبباتها التي أوصلت الأمور إلى هذا الحد الخطير من الابتزاز والاستغلال والجشع والذي وجد في الظروف العصيبة التي نعيشها جميعاً البيئة المناسبة لينمو ويكبر ويترعرع وإلى حدود لم يعد ينفع معها إلا الحلول الجذرية والفورية.
ما يجري في منظومتنا التعليمية، هو جزء وامتداد لما يجري في منظومتنا الأخلاقية والمجتمعية التي صدعت الحرب العدوانية وآثارها بعضاً من أركانها، ليبقى عزاؤنا وأملنا فيما تبقى من أركان قيمية وأخلاقية جذروها لا تزال راسخة في أعماق الكثيرين من أبناء هذا الشعب العظيم الذي تحمل وصبر وقدم كل غال ونفيس طيلة سنوات الوجع الماضية.