الشراكة الأوروآسيوية

الاتحاد الدولي للمنظمات غير الحكومية “جمعية الشعوب الأوراسية”، بالتعاون مع جامعة بيلغورود الروسية، نظم مؤخراً اجتماعاً في موسكو تحت عنوان ( الشراكة الأوروآسيوية .. البروتوكولات الجديدة للتعاون في بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا )، ذلك بمشاركة واسعة، ناقش المجتمعون خلاله طيفاً واسعاً من الموضوعات والعناوين المطروحة سابقاً، وأخرى تطرحها بقوة التطورات المتحركة في أوكرانيا، والمنطقة الأوراسية القارية المهمة باتساعها وامتدادها، وبما تمتلكه من ثروات وطاقات.
الاجتماع بذاته، هو خطوة في الاتجاه الصحيح، إذ لا يمكن أن يمر خبر انعقاده من دون أن يفتح على الكثير مما يذكر بمستشار الأمن القومي الأميركي الأسبق زبيغينو بريجنسكي ورؤيته التي تحولت مخططاً إمبريالياً منذ أكثر من عشرين سنة، يستهدف إقامة امبراطورية أميركية لا يمكن أن تقوم إلا بالسيطرة على أوراسيا، وعلى أوكرانيا تحديداً.
يعرف بريجنسكي “أوراسيا” على أنها رقعة الشطرنج الكبرى التي يستمر فيها الصراع من أجل السيطرة العالمية. ويركز في كتابه الشهير “رقعة الشطرنج الكبرى” على روسيا، وعلى أهمية منعها من أن يكون لها أي نفوذ في البحر الأسود، أو أن يكون لها علاقة طيبة مع أوكرانيا. ولعل ذلك يفسر الحالة القائمة هناك ليس بالعودة إلى ٢٠١٤ فقط، بل إلى ما يقترب من مطلع تسعينيات القرن الماضي، وبالتالي يفسر وقاحة الإصرار على تمدد الناتو شرقاً، ومحاولة ضم أوكرانيا إلى الأطلسي والنادي الأوروبي.
المنطقة القارية الواسعة والممتدة، أوراسيا، بلغة الأرقام تمتلك ٧٥ بالمئة من إجمالي مصادر الطاقة العالمية، وفيها يعيش أكثر من ٧٥ بالمئة من سكان العالم، ويتركز فيها أكثر من ٦٠ بالمئة من إجمالي الدخل القومي العالمي، ولهذا، وغيره من عوامل أخرى تتعلق بالبحار والمحيطات، فإن الولايات المتحدة وضعت مبكراً خطط السيطرة عليها، تلك الخطط التي تعثرت مرة وفشلت أخرى، لكن من دون التخلي عن محاولة تحقيق غاية السيطرة، بوضع يدها الثقيلة عليها.
اكتشاف روسيا الحضور النازي، الصهيوني، وكشفها عن العديد مما تضع يدها عليه منذ بدء عمليتها العسكرية الخاصة ٢٤ شباط الماضي، هو جزء بسيط مما سيتم كشفه لاحقاً ليكون الدليل القاطع على خطورة المخطط الأميركي، وعلى أهمية العملية العسكرية الروسية في إحباطه وإفشاله، وفي تهيئة الظروف لقيام نظام عالمي جديد يضع حدا للهيمنة الغربية الأميركية.
أهمية العملية العسكرية الروسية توازي أهمية الاجتماع الأوراسي سواء للتحفيز باتجاه تعميق العلاقات بين بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من جهة، أو باتجاه تعميق الشراكة بين هذه البلدان مع الأقطاب، روسيا والصين والهند وإيران، بعنوان الاتحاد الاقتصادي الأوراسي، هو ما من شأنه أن يقيم علاقات متوازنة تحترم مصالح شعوب المنطقة وتحقق لها الازدهار والنماء في جميع المجالات.
الاجتماع، الخطوة في الاتجاه الصحيح، ينبغي تطويره ليكون الخطوة المتقدمة في هذا التوقيت، وهو الأمر الذى يقتضي المضي به على المستوى الرسمي الحكومي بجدية واهتمام كبيرين، لا أن يبقى في إطار المنظمات غير الحكومية، ولطالما حمل الاجتماع تفصيلاً مهما يتحدث عن البروتوكولات الجديدة للتعاون، فالمنتظر أن تسجل الحكومات خطوة إضافية تحقق اللازم والمطلوب الذي لا يبقي للولايات المتحدة أي أمل بغزو المنطقة والسيطرة عليها.
بريجنسكي في مطلع اهتمامه وتركيزه الذي اشتغل عليه المحافظون الجدد، يحدد غايات فرض السيطرة على أوراسيا بما سماه وجوب صياغة جيواستراتيجية أوراسية متكاملة تمنع بروز تحد قادر على تسخير الجغرافيا الأوراسية بما يصنع تحدياً لأميركا، ومن أجل ذلك لم توفر الإدارات الأميركية منذ منتصف التسعينيات وسيلة سياسية أو دبلوماسية إلا واستخدمتها بالتهديد والترويع والضغط والإملاء لإقامة تحالفات قذرة تمكنها من العبث على طريق السيطرة، وصولاً إلى اللحظة الراهنة التي معها يتكشف الكثير من الهستيريا الأميركية الغربية في أوكرانيا.
الشراكة الأوروآسيوية، هي خيار ومسار لا بد من تفعيلها إلى أقصى الحدود وبالسرعة الممكنة، لتكون الرد العملي الموازي للعملية العسكرية الروسية، الرد المباشر على مخططات أميركا – الأطلسي، ولتكون الرسالة الأكثر بلاغة التي تؤكد أنه إذا كان في هذه المنطقة من بدد في الماضي أحلام واشنطن، فإنها اليوم المنطقة الموحدة المتماسكة ككتلة واحدة لا لتمزق مخططات أميركا في الاستهداف والسيطرة، بل لتسهم في قيام نظام عالمي جديد يدفن القطبية الأحادية ويطوي صفحتها إلى الأبد.

 

آخر الأخبار
السفير الضحاك: عجز مجلس الأمن يشجع “إسرائيل” على مواصلة اعتداءاتها الوحشية على دول المنطقة وشعوبها نيبينزيا: إحباط واشنطن وقف الحرب في غزة يجعلها مسؤولة عن مقتل الأبرياء 66 شهيداً وأكثر من مئة مصاب بمجزرة جديدة للاحتلال في جباليا استشهاد شاب برصاص الاحتلال في نابلس معبر جديدة يابوس لا يزال متوقفاً.. و وزارة الاقتصاد تفوض الجمارك بتعديل جمرك التخليص السبت القادم… ورشة عمل حول واقع سوق التمويل للمشروعات متناهية الصغر والصغيرة وآفاق تطويرها مدير "التجارة الداخلية" بالقنيطرة: تعزيز التشاركية مع جميع الفعاليات ٢٧ بحثاً علمياً بانتظار الدعم في صندوق دعم البحث العلمي الجلالي يطلب من وزارة التجارة الداخلية تقديم رؤيتها حول تطوير عمل السورية للتجارة نيكاراغوا تدين العدوان الإسرائيلي على مدينة تدمر السورية جامعة دمشق في النسخة الأولى لتصنيف العلوم المتعدد صباغ يلتقي قاليباف في طهران انخفاض المستوى المعيشي لغالبية الأسر أدى إلى مزيد من الاستقالات التحكيم في فض النزاعات الجمركية وشروط خاصة للنظر في القضايا المعروضة جمعية مكاتب السياحة: القرارات المفاجئة تعوق عمل المؤسسات السياحية الأمم المتحدة تجدد رفضها فرض”إسرائيل” قوانينها وإدارتها على الجولان السوري المحتل انطلقت اليوم في ريف دمشق.. 5 لجان تدرس مراسيم و قوانين التجارة الداخلية وتقدم نتائجها خلال شهر مجلس الشعب يقر ثلاثة مشروعات قوانين تتعلق بالتربية والتعليم والقضاء المقاومة اللبنانية تستهدف تجمعات لقوات العدو في عدة مواقع ومستوطنات “اللغة العربيّة وأثرها في تعزيز الهويّة الوطنيّة الجامعة”.. ندوة في كلية التربية الرابعة بالقنيطرة