البيان الذي أصدرته وزارة الخارجية الأميركية حول منح ترخيص بالقيام بأنشطة اقتصادية في شمال شرق وشمال غرب سورية، هو خطوة أخرى في سياق محاولاتها العبثية لتكريس واقع الاحتلال على أجزاء من الأراضي السورية، إذ يعطي هذا الاستثناء مما يسمى (قانون قيصر) مساحة أوسع لميليشيا (قسد) لتوسيع مروحة أنشطتها الانفصالية من خلال التعاقد مع المزيد من الشركات الإسرائيلية والأميركية لنهب ثروات السوريين بذريعة إقامة مشاريع خدمية في المناطق التي تحتلها تلك الميليشيا العميلة، وكذلك يمنح هذا الاستثناء نظام أردوغان فرصة تسريع وتيرة عملية التغيير الديموغرافي في سياق سياسة التتريك التي يفرضها في المناطق التي تحتلها قواته الغازية ومرتزقته الإرهابيين، وهذا يفسر حديث اللص أردوغان مؤخراً عن مشروع إقامة وحدات استيطانية لإعادة مليون لاجئ إلى تلك المناطق، ومعظمهم من عوائل الإرهابيين، لإحلالهم مكان السكان الأصليين.
واضح أن هداف الإجراء الأميركي لتقوية شوكة (قسد)، يكمن في سياق محاولة استنساخ صورة طبق الأصل عن الكيان الصهيوني في منطقة الجزيرة، إذ تجسد تلك الميليشيا بنزعتها الانفصالية، وكل جرائمها العنصرية بحق الأهالي هناك عملية الاستنساخ تلك، وثمة هدف آخر يكمن في منح صفة الشرعية للاحتلال التركي في المناطق التي يسيطر عليها إلى جانب مرتزقته الإرهابيين، والهدف الأبعد هو تثبيت قواعد الاحتلال الأميركي لإيجاد موطئ قدم دائم يخدم مصلحة العدو الصهيوني ويساعده على التمدد والتوسع على حساب حقوق شعوب المنطقة، وإعطاء وجوده الاحتلالي صفة الشرعية، ما يعني أن ثمة توجهاً أميركياً – صهيونياً تركياً لتكريس واقع ميداني يبقي احتمالات المواجهة مفتوحة على كل خيارات التصعيد، لمنع الدولة السورية من إعادة بسط سيطرتها على كامل أراضيها.
الولايات المتحدة ما زالت تسعى لتدمير مقومات الدولة السورية وإضعافها، بهدف منعها من استعادة تعافيها، لتحييد دورها المحوري الفاعل في المنطقة، فالحرب الإرهابية التي تقودها واشنطن، حولت سورية من بلد مصدر للنفط إلى بلد مستورد، حيث 95 في المئة من احتياطاتنا النفطية موجودة في المنطقة الشرقية الرازحة تحت سيطرة المحتل الأميركي، ومرتزقته من ميليشيا (قسد)، وهذه الاحتياطات النفطية تتم سرقتها بشكل يومي، كذلك فإن إنتاج الغاز يتراجع ٨ % سنوياً بسبب التخريب الكبير الذي لحق بالآبار نتيجة الإرهاب وقصف قوات الاحتلال الأميركي، وحقول الغاز الأساسية التي يجثم المحتل الأميركي فوقها، كانت تؤمن حاجة سورية بواقع ١١ مليون متر مكعب غاز من حقل كونوكو، والأمر ذاته ينطبق على محصول القمح، حيث كانت سورية تنتج حوالى ٥ ملايين طن سنوياً تكفي وتزيد على حاجتنا، وبسبب المحتل الأميركي ونهبه المتواصل لتلك الثروات، باتت الدولة تلجأ لاستيراد احتياجاتنا النفطية والزراعية، ولكن ثمة حقيقة حتمية بأن سلوك واشنطن العدواني، ودعمها المتواصل لفلول الإرهابيين، وأذرعها الانفصالية لن يسعفها في تحقيق أجنداتها السياسية، وهذا ما سيترجمه السوريون على أرض الواقع في القريب العاجل.