أمل دنقل: القلب كالبحر لا يستقر على حال

 

الثورة – يمن سليمان عباس:

تمر هذه الأيام ذكرى وفاة الشاعر العربي المصري أمل دنقل صاحب قصيدة لا تصالح التي انتشرت في كل الأقطار العربية بعد زيارة السادات للقدس وتوقيعه ما سمي معاهدة سلام التي جرّت وما زالت تجر على الأمة العربية الويلات
أمل دنقل شاعر من صلب الألم والمعاناة ترك بصمة مهمة في المشهد الشعري وهو من جيل الشعراء الذين لا يمكن أن يطوي الزمن ما أنجزوه.
في حياته محطات كثيرة منها مرضه الأخير ومعاناته وقد تحدث الناقد المصري الراحل جابر عصفور عن الساعات الأخيرة في حياته
ومما قاله لـ”العين الإخبارية” عن وصية الشاعر أمل دنقل وتفاصيل يومه الأخير وموقف من عبدالرحمن الأبنودي.

قبل وفاته بساعات قليلة، استشعر الشاعر المصري أمل دنقل أن الرحيل أقرب إليه من الاستسلام لجرعة علاج جديدة، وانشغل قليلاً ليجهز جملاً محددة يلقيها على صديقه الدكتور جابر عصفور، وزير الثقافة المصري الأسبق، بعد أن رفضت زوجته الكاتبة الصحفية عبلة الرويني مجرد السماح له بالتفكير في الحديث عن وصيته.. محبة كبيرة كانت تمنعها من قبول فكرة الرحيل والموت.

اللقاء الأخير..
روى جابر عصفور تفاصيل اليوم الأخير في حياة “دنقل”، قائلاً: “في غرفته بالمستشفى، كنت متواجداً مع عبلة الرويني والشقيق الأصغر لـ(أمل)، وفجأة طلب من الجميع مغادرة المكان، وسمح لي بالبقاء إلى جانبه، وقال لهم (عايز جابر لوحده)، وطلب مني الاقتراب قليلاً، لأنه كان متعباً للغاية، وهمس لى قائلاً: (أنا هاموت خلاص)، وبعدها سكت قليلاً، وقلت له كلاماً طيباً عادة يكرر في مثل هذه المواقف وطلبت منه ألا ينسى رحمة الله، لكنه كان جدياً وبلهجة قوية أجبرني على أن أكون هكذا، وأن أسمعه في صمت”.

الدفن في “القلعة”
وأضاف عصفور لـ”العين”: “بعدها أشار إلى وسادة السرير، وكان يحتفظ بمبلغ مالي تحتها، وطلب منى أن أخذ المبلغ كاملاً قبل أن أغادر المستشفى، ولما سألته عن السبب، قال بحدة: (أنا لما هاموت تاخدني لقريتي في محافظة قنا، قرية القلعة، وتدفني مع والدي)، ولأنه يدرك أن السفر بالجثمان من القاهرة إلى قنا سيكون من خلال الطيران الداخلي، رفض أن يدفع أي من أصدقائه جنيهاً واحداً في تكاليف السفر، وذكر لي أسماء الأصدقاء الذين يريد أن يرافقوه ويشهدوا مراسم الجنازة والدفن، وكان من بينهم الشاعر الراحل عبدالرحمن الأبنودي، الناقد الراحل الدكتور عبدالمحسن بدر، والكاتب الراحل سيد البحراوي، وجابر عصفور”.

شهامة الأبنودي..
وتابع وزير الثقافة الأسبق: “غادرت المستشفى ومعي المبلغ، وفي فجر اليوم التالي، هاتفني شقيقه وأخبرني برحيل أمل عن الدنيا، وهنا بدأت أتذكر كل حرف سمعته من الراحل قبل ساعات، وأخبرت الأبنودي والبحراوي وبدر بوصيته، وبسبب نزعة الشهامة عند أهل الجنوب أقسم الأبنودي أن يتحمل هو التكاليف لآخر لحظة، ولما رفضنا غضب كثيراً، لكن في الأخير أقنعه بدر بأن هذه وصية أمل ويجب أن تنفذ، وبالفعل سلمته المبلغ ليسافر هو مع الجثمان قبلنا، وبعدها لحقنا به ونفذنا الوصية، ودفن أمل في مسقط رأسه إلى جواره والده كما أراد”.

حياة الصعاليك..
يقول عصفور “عرفت أعمال الشاعر السوري الكبير أدونيس من خلال أمل دنقل، فالأخير كان لا يحب أدونيس أيديولوجياً، لكنه كان شديد الإعجاب به شعرياً، وكان لأمل عادة غريبة في القراءة، ففي غرفته الصغيرة بإحدى المناطق الشعبية، والتي كان بها سرير وكرسي فقط، يجلس على السرير ويلقي الكتاب على الأرض، وبعدها يمد عينيه إلى الكتاب ويقرأ من فوق السرير، وفى إحدى المرات صرخ وطلب مني أن استمع لقصيدة سيلقيها، وكانت قصيدة (ملوك الطوائف) لأدونيس، وكان يقرأ بإعجاب شديد، وطلبت منه أن يعيدها، فقرأها 3 مرات، ومن وقتها تعلقت أدونيس.
من قصيدة لا تصالح :
لا تصالحْ
فما الصلح إلا معاهدةٌ بين ندَّينْ..
(في شرف القلب)
لا تُنتقَصْ
والذي اغتالني مَحضُ لصْ
سرق الأرض من بين عينيَّ
والصمت يطلقُ ضحكته الساخرة!
لا تصالح
ولو وقفت ضد سيفك كل الشيوخ
والرجال التي ملأتها الشروخ
هؤلاء الذين يحبون طعم الثريد وامتطاء العبيد
هؤلاء الذين تدلت عمائمهم فوق أعينهم
وسيوفهم العربية قد نسيت سنوات الشموخ
لا تصالح
فليس سوى أن تريد
أنت فارسُ هذا الزمان الوحيد
وسواك.. المسوخ!
لا تصالحْ
لا تصالحْ

من رسائله:
كنت أستغرق في الحب لكنني في صميمي كنت هارباً من التمسك به، وأحياناً كانت تصرفاتي واختباراتي لمن أحب توحي للناظر من الخارج بالجنون، ونقلت لك منذ البداية أنني أطلب ولاء مطلقاً، لكنني قلت لك أيضاً أنك لو عرفتني جيداً فلن تتركيني، إنني أحس بالرقّة النبيلة التي تملأ أعماقك كسطح صافٍ من البللور، لكنني أخشى دائماً أن يكون هذا مؤقتاً لقد علمتني الأيام أن القلب كالبحر لا يستقر على حال.

آخر الأخبار
محاور لإصلاح التعليم الطبي السوري محافظ حلب يبحث مع وفد ألماني دعم مشاريع التعافي المبكر والتنمية ابن مدينة حلب مرشحاً عن حزب الخضر الألماني خاص لـ "الثورة": السوري تامر غزال يكتب التاريخ في بافاريا.. "أنا الحلبي وابنكم في المغترب" سوريا تفتح نوافذ التعاون العربي عبر "معرض النسيج الدولي 2026"  رفع العقوبات إنجاز دبلوماسي يعيد لسوريا مكانتها ودورها الإقليمي دعماً للإعمار.. نقابة المهندسين تؤجل زيادة تكاليف البناء من التهميش إلى التأثير.. الدبلوماسية السورية تنتصر  متبرع يقدم جهازي "حاقن آلي" وتنفس اصطناعي لمستشفى الصنمين بدرعا  حملة شاملة لترحيل القمامة من مكب "عين العصافير"  بحلب بين دعم واشنطن وامتناع بكين.. الرحلة الاستراتيجية لسوريا بعد القرار "2799" ما بعد القرار "2799".. كيف قلب "مجلس الأمن" صفحة علاقة العالم مع سوريا؟  خبير اقتصادي ينبه من تداعيات التّحول إلى "الريعية"  قرار مجلس الأمن وفتح أبواب "البيت الأبيض".. تحول استراتيجي في الدبلوماسية السورية  كيف حول الرئيس الشرع رؤية واشنطن من فرض العقوبات إلى المطالبة برفعها؟ ٥ آلاف ميغا واط كهرباء تعزز الإنتاج وتحفز النمو  المعرض الدولي لقطع غيار السيارات.. رسالة نحو المنافسة باستخدام أحدث التقنيات   "صحة وضحكة" .. مبادرة توعوية لتعزيز النظافة الشخصية عند الأطفال من رماد الصراع إلى أفق المناخ.. فلسفة العودة السورية للمحافل الدولية  إنجاز دبلوماسي جديد لسوريا في مجلس الأمن