في تنصل تام من كل التفاهمات والتعهدات التي وقع عليها مع الضامنين الروسي والإيراني في مسار أستانا، وتنكر فاضح للقانون الدولي ومبدأ احترام سيادة سورية وسلامة ووحدة أراضيها، يعود رأس النظام التركي مجدداً ليجتر مخططاته وأطماعه القديمة القائمة على قضم المزيد من أراضي الآخرين وتهجير أبنائها عبر إطلاق مصطلح “المناطق الآمنة” من أجل اللعب باستقرار سورية وسرقة ثرواتها والتدخل بشؤونها الداخلية كما يفعل الاحتلال الأميركي حالياً في الجزيرة السورية.
فعلى مدى أحد عشر عاماً من الحرب الإرهابية على سورية لم يتخل وريث السلاجقة والعثمانيين الأوغاد ومجدد الأخونجية العميلة للنظام الغربي أردوغان الذي كان رأس حربة مسمومة في هذه الحرب، عن أحلامه الساقطة بمد نفوذه خارج الحدود التركية واستعادة جزء من “أمجاد” السلطنة المأفونة، مستغلاً الظروف الدولية كأبشع ما يكون الاستغلال، ومستخدماً أساليبه الملتوية في اللعب على مختلف الحبال السياسية المتاحة أمامه، مؤكداً مرة جديدة انحطاطه السياسي والأخلاقي وعدم إقامته أي وزن للأعراف والقوانين والمواثيق الدولية.
من الواضح تماماً أن سموم المكيافيلية قد تمكنت من عقل السلجوق الخائب ودفعته لاستغلال تطورات الحرب في أوكرانيا وانشغال الضامن الروسي بدفع مخاطر توسع حلف الناتو في محيطه الاستراتيجي ، وكذلك استغلال حاجة الحلف نفسه لموافقة أنقرة على انضمام كل من السويد وفنلندا إليه، وهو لن يفوت هاتين الفرصتين لتحقيق بعض المكاسب السياسية التي تؤمن له مواجهة المعارضة القوية لسياساته التخريبية في داخل وخارج تركيا، على أمل تحقيق الفوز في انتخابات العام القادم.
يعتقد أردوغان الجاهل بتاريخ المنطقة وقدرات شعوبها على مقاومة الغزاة والمحتلين أن بإمكانه تنفيذ مخططاته في الشمال السوري معتمداً على الاحتلال الأميركي المتواطئ معه في الجزيرة السورية، وعبر استخدام الإرهابيين والمرتزقة الذين يعملون تحت إمرته، غير أنه لم يقرأ دروس التاريخ جيداً، فالأميركيون سيرحلون وسيتخلون عنه وعن عملائهم، وسيكون عليه مواجهة الحقيقة المرة بنفسه، وعندها لن يكون سقوطه بأقل دوياً عن سقوط أجداده المقبورين.