الثـــورة:
تُطل شبكات معقدة من الفروع المعدنية المرتبة هندسيا بدقة، والمنسقة فنيًا باتزان، ليخرج فى نهاية المطاف آيلًا فخمًا، أو أسدًا مهيبًا، أو قرشًا مفترسًا، أو ثورًا منقضًا بقرون حادة أو صقر في طور التحليق بجناحيه استعدادًا للانقضاض، أو حتى قطًا أليفًا يجلس بهدوء في غابة التعايش لكانغ دونغ هيون.
تبدأ منحوتات كانغ بفروع معدنية لا حصر لها تنتشر في كل اتجاه لتكمل أو لا تكمل الخطوط العريضة لجسد حيواناته بثنياته واستقاماته وانحناءاته وارتفاعاته وانخفاضاته التي تشكل كتلة الجسد معقدة التكوين، وقد يتلاعب بفروعه وأسلاكه المعدنية والظلال الساقطة باستخدام قواعد المنظور ليستكمل المتلقى بصريا كتلة الجسد المنحوت، أو قد يعمد للمبالغة في بعض نسب جسد الحيوان ليظهره أكثر ضخامة أو رشاقة أو في هيئة الانقضاض أو الهروب ليضفي مزيدًا من الحياة على منحوتاته المدهشة.
فقد ابتكر الفنان الكوري منحوتاته المعدنية لتبدو كما لو كانت مكونة من أغصان وفروع وتفرعات شجرية دقيقة، أو ما يشبه شرايين الكائنات الحية النابضة بالحياة. ومع ذلك ، بدلاً من النحت والتجميع باستخدام مصادر عضوية تقليدية مثل الطين أو خامات طبيعية صلدة كالخشب والرخام وغيرها – مثل أعمال التقليديين – فإن منحوتات Dong Hyun الحيوانية مصنوعة من أسلاك معدنية، فقط أسلاك ولحامات ومادة طلاء براق تقيها الصدأ لتتخذ بالنهاية مظهر الشجيرات المعدنية.
يقوم الفنان الشاب، بلحام البراعم الصغيرة والأشكال الشبيهة بالجذور في ملامح الوجه وأخرى متشابكة ليشكل بها كتلة جسد الحيوان، وعقب الانتهاء منها يقوم بعملية طلاء اليوريثان، على أنه عندما ينشئ عرض متماسك للنباتات والحيوانات ، يضع كانغ في اعتباره أن كل منحوت مجوف صُنع من الفولاذ المقاوم للصدأ يكرس العلاقة بين مختلف الكائنات والفكرة القائلة بأن “كل أشكال الحياة على الأرض قد تؤدي إلى سلسلة غير مرئية” ،
حيث تصور الأعمال الأثيرية للفن ثلاثي الأبعاد لكانغ حيوانات مهيبة مثل الأسود والفيلة والخيول. في قطعة واحدة ، يبدو أن وحيد القرن نما عضوياً ، صعوداً من حوافره الفضية الشبيهة بجذوره. وفي صورة أخرى ، يُصوَّر لبدة أسد كثيفة مع عش عملاق من الأغصان المنحوتة. قطعة نحتية أخرى لصقر يكاد يحلق بجناحيه بحثًا عن فريسة، قطعة أخرى تأخذ شكل كائن منحني شبيه بالطيور، يتكون من فروع معدنية تشبه القصبات الهوائية ، والتي تتركز على طول الجانب السفلي منها لتكشف عن شكلها الزاوي.
على الرغم من أن كل قطعة منحوتة معدنية درامية لكانغ هي من صنع الإنسان، إلا أنها تبدو وكأنها نمت عضوياً إلى شجيرات معدنية على شكل حيوان، وعند وضعها في الهواء الطلق ، تكتسب كل منحوت حياة جديدة خاصة به عندما تضرب الشمس سطحها العاكس وينتشر بريقها المعدني في كل مكان.
كانغ دونغ هيون Kang Dong-hyun، نحات معدني ملهم متخصص فى النحت بالأسلاك المعدنية استطاع أن يجذب الانتباه بأعماله النحتية والتي أطلق عليها “غابة التعايش”، ليس فقط في كوريا ولكن أيضًا في الخارج.
في الأيام الأولى ، بدأ عمله في فن النحت محاولًا استخدام مختلف مواد النحت وخاماته التقليدية مثل الخشب والحديد والنحاس ، إلا أنه وجد شغفًا كبيرا للعمل بالفولاذ فبدأ ” غابة التعايش “منذ سنوات يعمل فيها باستخدام الفولاذ المقاوم للصدأ ، الذي يتمتع بصلابة ممتازة ويسمح بالتعبير الحر ، من خلال عمليات مختلفة مثل اللحام والثني، حيث يعبر كانغ عن الطبيعة بكل تقلباتها وحركاتها عبر حيوانات غابته التي يستعرض فيها مهارات حيوناته الحياتية النابضة من الجري للسكون والتسلق والانقضاض والخوف والهجوم والثبات حتى الموت وغيرها من دلالات الحركة والتي تفيض حياة وقوة.
