من فيتنام إلى العراق.. الغزو القادم تحت عباءات الحرية

لميس عودة:
لم تكن أميركا يوماً إلا صاحبة الباع الإجرامي الطويل بحق الدول واستقرارها، وأمن الشعوب وسلامها، فإناء إرهابها يطفح إجراماً مشهوداً وموثقاً بالبراهين والأدلة الدامغة، وتاريخها متخم بالفظائع الوحشية وانتهاكات حقوق الإنسان، وحاضرها امتداد لسلسلة طويلة من الإرهاب المنظم والتعديات الصارخة.
فتحت أكاذيب وادعاءات باطلة تغزو الولايات المتحدة الدول السيادية وتستبيح سلام شعوبها، ومن خلال ذرائع ثبتً زيفها وبطلانها تعتدي وتنهب وتمارس طقوس اللصوصية على الملأ الدولي .
من فيتنام إلى العراق إلى أفغانستان إلى سورية، حلقات العربدة الأميركية موصولة، وشواهد الإجرام جلية لا يحجبها غربال تعتيم ولا تضليل إعلامي، ولو أردنا الخوض في غمار جرائم واشنطن لاحتجنا لمجلدات لتوثيق ما خلفته آلة غزوها من تدمير ممنهج، وضحايا مدنيين ارتقوا في سبيل مواجهة الغطرسة العدوانية الأميركية.
أسلحة وغازات محرمة وملايين الضحايا بفيتنام
تحقيقات وتقارير دولية وأميركية عرت قباحة الإجرام الأميركي في فيتنام وفضحت فظاعة الانتهاكات للقوانين الدولية، بإلقاء القنبلة الذرية على هيروشيما وناغازاكي، واستخدام الأسلحة المحظورة دوليا، والغازات القاتلة السامة التي أمطرت بها فيتنام، وما جاء في دراسة أجرتها جامعة كولومبيا عام 2003، يفيد بأن وضع 80 غراماً من الغاز البرتقالي- الذي استخدمته واشنطن في حربها على الفيتناميين – في شبكة مياه شرب يمكنه أن يقتل مدينة كاملة بحجم 8 ملايين مواطن.
ووفقًا لتقرير نشرته منظمة “combat-monsanto” الحقوقية الدولية، فإن الغاز البرتقالي لا تزال له آثار خطيرة للآن، فإضافة إلى تلويثه معظم مصادر المياه والأراضي الزراعية في فيتنام فإن من 2 إلى 4 ملايين طفل فيتنامي يعانون حاليًا من أمراض بسبب هذا الغاز الكيميائي، إضافة إلى ملايين المواطنين المصابين من هذا الغاز، إضافة إلى موت 400 ألف شخص مؤخّرًا لنفس السبب أيضاً.
التحقيقات التي أجرتها وسائل إعلام غربية رصدت بشاعة هذا الغاز وتأثيره على الأطفال الذين يولدون مشوّهين نتيجة تغلغل هذا الغاز في طبيعة البلاد هناك، وكذلك إصابة آبائهم بأمراض ناجمة عن هذا الغاز.
ونقل التحقيق عن خبراء كيميائيين أنه يستلزم قرناً كاملًا حتى تتم إزالة آثار الغاز البرتقالي من المياه والأراضي الزراعية في فيتنام، إضافة إلى عشرات السنين من أجل إزالة الأمراض المتوطّنة في الشعب الفيتنامي، مع برنامج صحي يتكلف مئات الملايين من الدولارات، ومع كل هذا لا تزال الولايات المتحدة الأمريكية مصرة على عدم الاعتراف بجرائمها خلال حرب فيتنام.
وأضاف التحقيق، أن واشنطن لا تريد الاعتراف بهذه الجرائم حتى الآن، وذلك حتى لا تتعرض لإدانات دولية بارتكابها جرائم حرب، ففي عام 2005 رفض القضاء الأمريكي دعوة قدمتها منظمة فيتنامية لضحايا الغاز البرتقالي، تتهم فيها الجيش الأمريكي باستخدام أسلحة كيميائية ضد شعبها.
كذلك بين تقرير نشرته المنظمة البيئية الكندية عام 2011، إصابة كل المصادر الغذائية في فيتنام بأمراض ناجمة عن الغاز البرتقالي، داعية إلى ضرورة جمع كل الحيوانات والطيور في المناطق التي تعرضت للقصف وإعدامها، إضافة إلى الأسماك في البحيرات.
وخلال حرب فيتنام، رش الجيش الأمريكي حوالي 20 مليون جالون من مبيدات الأعشاب على 5.5 مليون فدان من الأدغال الفيتنامية والمناطق الريفية، كما ألقت أميركا الملايين من القنابل العنقوديّة على فيتنام وفي لاوس وحدها.

اقرأ المزيد..

بالمال والسلاح والحماية الدولية.. حبل الدعم الدائم لإسرائيل
في العراق شواهد صارخة
أما العراق الذي غزته أميركا عام 2003 تحت أكاذيب أسلحة الدمار الشامل فمازال ابناؤه شهود عيان على الوحشية الأميركية، وعلى الجرائم التي ارتكبتها قوات الغزو الأمريكي باستخدامها أسلحة محرمة دوليا، وتسببت بأضرار كثيرة للشعب العراقي في الجوانب الاقتصادية والثقافية والسياسية، فضلا عن الأضرار النفسية، ولم تترك للشعب العراقي إلا الويلات والدمار.
فاستخدام هذه الأسلحة المحظورة دولياً أدى إلى استشهاد مئات الآلاف من العراقيين وإلحاق أضرار جسيمة بالنظام الصحي، وتسبب في ظهور العديد من الولادات المشوهة، وارتفاع حالات الإصابة بالسرطان بعد الغزو.
وتشير تقارير إلى أن أمريكا استخدمت اليورانيوم المنضب والأسلحة الفتاكة بشكل كثيف، وخصوصا في مدن جنوب العراق، وخلف الغزو الإرهابي للعراق نحو 5 ملايين يتيم من الأطفال في العراق، أي حوالي 5% من إجمالي الأيتام في العالم، وفقا للمفوضية العراقية العليا لحقوق الإنسان.
وكانت دراسة كندية قدّرت عدد ضحايا حروب الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية بأكثر من ثلاثين مليون إنسان حول العالم، أما مجلة “لانسيت” الطبية البريطانية فقالت في دراسة إن الولايات المتحدة تسببت في مقتل 1.9 مليون عراقي. وذلك بسبب الحرب والهجمات العدوانية التي شنتها على العراق والحصار خلال الفترة من 1991 إلى 2003.وأوردت أيضًا أنه في الفترة اللاحقة قتل حوالي مليون شخص آخر. ما يعني أن حوالي 3 ملايين عراقي لقوا حتفهم خلال عقدين على يد الولايات المتحدة أو بسبب سياستها، حسب الدراسة.
سرقة الآثار وتهريبها
واحدة من الخسائر العراقية الباهظة جراء الغزو الأمريكي، كشفها منقب الآثار العراقي، عامر عبد الرزاق لـ “سبوتنيك“. حين تحدث عن تعرض المتحف العراقي الوطني في بغداد إلى “أكبر عملية سرقة في التاريخ”.
وقال إن “تجارا كبارا لتهريب الآثار جمعوا ملايين القطع الأثرية وقاموا بتهريبها خارج العراق مشيرا إلى أن الأمر كان مقصوداً وبتدبير أمريكي”. ولفت إلى “تعرض ما يقارب خمسة عشر ألف موقع أثري للسرقة والنبش، ونهب أهم وأغنى آثاره”.
سجن أبو غريب
في التاسع والعشرين من نيسان 2004 تفجرت فضيحة سجن أبو غريب التي عكست بلا مساحيق أو رتوش الوحشية الأميركية للملأ، فما تعرض له المعتقلون من طقوس تعذيب إجرامي وإساءات نفسية وجسدية يندى لها جبين الإنسانية، وهي جرائم حرب موصوفة وموثقة، لكن حتى اللحظة الراهنة لم يجرم ويقدم للمحاكمة الدولية من ارتكبها، وأمر بارتكاب الفظاعات الوحشية، ومازالت أميركا التي تحاضر بحقوق الإنسان وتنتهكها خارج المساءلة الأممية.

آخر الأخبار
رئيس الهيئة المركزية للرقابة : لن نتوانى عن ملاحقة كل من يتجاوز على حقوق الدولة والمواطن   الرئيس الشرع: محاسبة مرتكبي مجازر الكيماوي حق لا يسقط بالتقادم   حشرات وعناكب بالألبان والأجبان   تشجيعاً للاستثمار .. محافظ درعا يتفقد آثار بصرى الشام برفقة مستثمر سعودي  إبراز المعالم الوقفية وتوثيقها في المحافل الدولية بالتعاون مع "الإيسيسكو" معرض دمشق الدولي..ذاكرة تتجدد نحو تنمية مستدامة  "خطوة خضراء لجمال مدينتنا".. حملة نظافة واسعة في كرناز 10 أطنان من الخبز... إنتاج مخبز بصرى الشام الآلي يومياً نداء استغاثة من مزارعي مصياف لحل مشكلة المكب المخالف قرابة  ١٠٠٠ شركة في معرض دمشق الدولي ..  رئيس اتحاد غرف التجارة:  منصة رائدة لعرض القدرات الإنتاجية تسهيلاً لخدمات الحجاج.. فرع لمديرية الحج والعمرة في حلب "الزراعة" تمضي نحو التحول الرقمي.. منصة إرشادية إلكترونية لخدمة المزارعين  اجتماع تنسيقي قبل إطلاق حملة "أبشري حوران "   مبادرة أهلية لتنظيف شوارع مدينة جاسم الدولرة تبتلع السوق.. والورقة الجديدة أمام اختبار الزمن السلوم لـ"الثورة": حدث اقتصادي وسياسي بامتيا... حاكم "المركزي"  يعلن خطة إصدار عملة جديدة بتقنيات حديثة لمكافحة التزوير عبد الباقي يدعو لحلول جذرية في السويداء ويحذر من مشاريع وهمية "الأشغال العامة".. مناقشة المخطط التنظيمي لمحافظة حماة وواقع السكن العشوائي "حمص خالية من الدراجات النارية ".. حملة حتى نهاية العام  محمد الأسعد  لـ "الثورة": عالم الآثار خالد الأسعد يردد "نخيل تدمر لن ينحني" ويُعدم واقفاً