الثورة- هراير جوانيان:
انطلقت النسخة الثالثة من دوري الأمم الأوروبية مباشرة بعد نهائي الدوريات الأوروبية وإقامة نهائي دوري الأبطال، وذلك بحضور أفضل المنتخبات الأوروبية، وخاصة منتخب فرنسا بطل العالم 2018، ومنتخب إيطاليا بطل أوروبا 2021، إضافة إلى منتخبات قوية أخرى تملك أثراً رياضياً مهماً على الصعيد العالمي، مثل إنكلترا وألمانيا والبرتغال.
ولم يتغير نظام هذه المسابقة قياساً بنسختها الأولى، حيث وزعت المنتخبات على ثلاثة مستويات، وفي نهاية السباق، فإن بعض المنتخبات قد تخسر مكانها في المستوى الأول، في وقت تلعب فيه المنتخبات، التي تنهي ترتيب المرحلة الأولى في صدارة المجموعات (المستوى الأول)، بطولة مصغرة تضم أربعة منتخبات من أجل الحصول على اللقب، حيث فازت فرنسا بالنسخة الماضية، التي أقيمت في إيطاليا، بعد انتصارها في نصف النهائي على بلجيكا وفي النهائي على منتخب إسبانيا.
ورغم وصولها إلى النسخة الثالثة، فإن هذه المسابقة لا تحظى بإجماع نجوم المنتخبات الأوروبية، ورافق البطولة انتقادات قوية ازدادت حدتها في السنوات الماضية، باعتبار المعارضة الكبيرة التي تجدها من اللاعبين والمدربين الذين يعارضون المسابقة بسبب ضغط الروزنامة.
*اتحاد واحد وبطولتان
ينظم الاتحاد الأوروبي لكرة القدم كل أربع سنوات، بطولة أوروبا التي تعتبر من أفضل المسابقات في العالم وأهمها، وتحظى باهتمام إعلامي وجماهيري كبيرين نظرا لمشاركة أفضل اللاعبين، وهو ما يفسر الإقبال الكبير على متابعة المباريات في كل النسخ السابقة. وتوفر البطولة عائدات مالية ضخمة لـ UEFA تساعد على تغطية النفقات ورفع حجم المنح المسندة إلى كل المنتخبات المشاركة ما يحفزها على خوض المسابقة.
ورغم عراقة هذه البطولة، فإن UEFA بعث المسابقة الجديدة، التي لا تختلف كثيراً عن بطولة الأمم في نسختها الكلاسيكية، وقد فسّر الاتحاد الأوروبي، في وقت سابق، بعث هذه المسابقة، بمحاولة تطوير التنافس والتقليص من عدد المباريات الودية، ولكن واقعياً يعلم الجميع أن هذه البطولة توفر عائدات مالية إضافية للاتحاد، ذلك أن مباريات بين إيطاليا وألمانيا وفرنسا وكرواتيا وإسبانيا والبرتغال تحظى باهتمام كبير على الصعيد العالمي.
والاتحاد الأوروبي هو الوحيد الذي ينظم مسابقتين للمنتخبات من بين كل الاتحادات القارية الأخرى، ذلك أن الاتحاد الأفريقي ينظم بدوره بطولة أفريقيا للاعبين المحليين، والتي تختلف عن كأس أمم أفريقيا، في وقت يصرّ فيه UEFA على تنظيم المسابقة، ومن الواضح أنّه يسعى لدعم مكاسبه المالية بالأساس قبل التفكير في الجانب الفني.
*معارضة قوية
منذ بعث دوري الأمم الأوروبية، لم تخف عديد الشخصيات معارضتها هذه المسابقة (الدخيلة)، وخاصة المدرب الألماني يورغن كلوب، الذي انتقد سياسة UEFA التي لا تراعي مصلحة الأندية واللاعبين، وتزيد من عدد المباريات في كل موسم، وهو ما يضرّ أداء اللاعب ويعرضه للمشاكل الصحية نتيجة كثرة المباريات في كل موسم والضغط النفسي القوي الذي يواجهه.
وبرزت أسماء عديدة بمعارضتها هذه المسابقة، وآخرها الهولندي كيفن دي بروين، الذي أعلن صراحة، قبل مواجهة بلجيكا في الجولة الأولى، أن هذه المسابقة لا فائدة ترجى منها، وهو ما جعل البعض يؤكد أن هزيمة بلجيكا الأخيرة تعكس موقف اللاعبين من المسابقة، خاصة أن الحارس تيبو كورتوا فضّل عدم المشاركة من أجل التمتع براحة والخضوع لتدخل جراحي بسيط كان قادراً على تأجيله. كما أن حارس برشلونة مارك أندريه تير شتيغن طلب من مدرب المنتخب الألماني عدم دعوته للمعسكر الخاص بهذه البطولة مفضلاً التمتع براحة بعد موسم من اللعب المتواصل.
ولم يتجاوب الاتحاد الأوروبي مع الدعوات الصادرة من قبل عديد الأسماء من أجل إيجاد صيغة أخرى للمسابقة من خلال تقليص عدد المباريات، ذلك أنّه يصرّ على تنظيم البطولة، التي يريد UEFA أن يجعل منها تقليداً في المسابقات الكبرى، رغم أن الجماهير في العالم تفضل متابعة بطولة أمم أوروبا.
*مواقف غريبة
كان الاتحاد الأوروبي من أهم المعارضين لمقترح الاتحاد الدولي لكرة القدم بتنظيم كأس العالم كل عامين، وقاد حملة من أجل إفشال المشروع رغم الدعم الذي وجده من قبل الاتحادين الأفريقي والآسيوي، وهذه الحملة القوية جعلت الفيفا تراجع موقفها وتتخلى عن الفكرة ولا تعرضها على التصويت.
ويدرك الجميع أن هذه المعارضة هدفها الأساسي حماية مصالح UEFA لأن تنظيم كأس العالم كل عامين سيحد من عائداته المالية، وبالتالي شن حرباً متواصلة، غير أنّه في الأثناء لم يستمع إلى الطلبات الداعية إلى التخلي عن المشروع الجديد أو تعديله.