الثورة – هفاف ميهوب:
كان الأديب والكاتب الفلسطيني “غسان كنفاني” يرى، بأن أدب المقاومة على وجه الخصوص، ليس ظاهرة طارئة على الحياة الثقافية الفلسطينية، وبأن ما قدّمه هذا الأدب، وسواء على الصعيد الثقافي أو المسلّح، ترك بصمة هامة في المسيرة العربية النضالية..
يرى “كنفاني” ذلك، ويؤكّد بأن ما قدمته المقاومة الثقافية، لايقل أهمية عمّا قدّمته المقاومة المسلّحة، فالمقاومة برأيه: “زرعة ضاربة جذورها عميقاً في الأرض، وإذا كان التحرير ينبع من فوهة بندقية، فإن البندقية ذاتها تنبع من إرادة التحرير، وهذه الإرادة ليست سوى النتاج الطبيعي والمنطقي والحتمي للمقاومة في معناها الواسع: المقاومة على صعيد الرفض، وعلى صعيد التمسّك الصلب بالجذور والمواقف..”..
إن كان “كنفاني” قد جسد رؤاه هذه، عبر المبدع والمؤثر من الروايات والقصص والمسرحيات والمقالات، التي كتبها على مدى حياته التي انتهت مبكّراً بسبب اغتياله من قِبل الموساد الاسرائيلي، فقد جسدها “ناجي العلي” رسام الكاريكاتير الشهير الذي جمعته وإياه صداقة قويّة، عبر رسوماتٍ ستبقى رمزاً ينمّ عن روحه المتمردة ومواقفه النضالية.. المواقف التي اتّضحت في أكثر من أربعين ألف لوحة من لوحاته، والتي أكّد فيها بأن “لا صلح، لا اعتراف، لا مفاوضات”، إلا التي تقود إلى “كامل التراب الفلسطيني”، فـ “لفلسطين طريق واحد ووحيد، هو طريق البندقية”..
باختصار: “للكلمة والخط المرسوم وقع أقوى من طلقات الرصاص”.. هذا ماقاله “ناجي العلي” الذي حمل فكراً نضالياً أراد به، بناء جيلٍ هو جيل المقاومة، والذي صدقت نبوءته عن نهايته، عندما تمّ اغتياله بأيدٍ مثلماٍ أرعبها وجود “كنفاني” الذي أسمته “لواء فكريّ مسلّح”.. أرعبها وجود “حنظلة”.. الطفل الرمز الذي يمثّله مُذ كان في العاشرة من عمره وغادر أرضه، والذي لم يبالغ عندما قال عنه: “قد أستمرُّ به بعد موتي”..