حتى الآن عقد 18 اجتماعاً دولياً حول سورية بموجب صيغة أستانا، وهي آلية لها أهميتها من حيث المساهمة بإيجاد حل سياسي، وبحال تم تطبيق مخرجات جولات الحوار السابقة ضمن هذا المسار، فهذا سيعطي دفعاً قوياً لتظهير الحل السياسي، ولكن ثمة أطراف إقليمية ودولية منخرطة في الحرب الإرهابية ما زالت تضع العراقيل، وتعمل على إطالة أمد الأزمة، وهنا فإن مسألة تحديد الطرف المعرقل، أو الممتنع عن ترجمة تلك المخرجات على أرض الواقع هي في غاية الأهمية، ليصار العمل على إيجاد آليات رادعة تلزمه تنفيذ ما يجب عليه من التزامات عسكرية وقانونية وأخلاقية.
نظام أردوغان، وهو الطرف الضامن للإرهابيين، يشكل إلى جانب الإدارة الأميركية المشكلة الرئيسية، والعائق الأكبر أمام مسار (أستانا)، إذ إن استمرار وجود الاحتلالين التركي والأميركي هو خطر كبير على العملية السياسية، ويشكلان العائق الأساسي أمام الجهود التي تبذلها الدولة السورية لإعادة الأمان والاستقرار إلى كامل ربوع أراضيها، فالولايات المتحدة باعتبارها من يقود منظومة العدوان، واضح أنها لا تريد أي حل سياسي، وتحارب كل جهد دولي يرمي للتوصل لهذا الحل لأنه يتعارض مع أجنداتها الاستعمارية، وهي رفضت المشاركة باجتماعات (أستانا) لمواصلة التصويب على مخرجاتها، وعملت إلى جانب الضامن التركي على تقويض كل التفاهمات السابقة في هذا المسار.
جميع مخرجات (أستانا) في جولاتها السابقة، أكدت على ضرورة الالتزام بسيادة سورية واستقلالها ووحدة وسلامة أراضيها، وبمقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، وأيضاً على مواصلة العمل المشترك لمحاربة الإرهاب بجميع أشكاله ومسمياته في سورية، ورفض الأجندات الانفصالية الهادفة إلى تقويض سيادتها وسلامتها الإقليمية، وهذا لا يستقيم أبداً مع ما يمارسه الاحتلالان التركي والأميركي من عدوان مباشر، ودعم متواصل للإرهاب، وسرقة ممنهجة لثروات الشعب السوري، والتمادي بسياسة التتريك، ودعم الميليشيات الانفصالية؟، الأمر الذي يوجب على الأمم المتحدة الاضطلاع بمسؤولياتها للجم تلك السياسات العدوانية، ووضع آليات عمل ملزمة من أجل تطبيق ما يتم التوصل إليه من نتائج إيجابية تخدم مسار الحل السياسي.
إلزام النظام التركي بتطبيق كل ما تم التوافق عليه خلال الاجتماعات السابقة ضمن صيغة أستانا، ورفع الولايات المتحدة يدها عن دعم الإرهاب، وسحب قواتها المحتلة، والتوقف عن ممارسة إرهابها الاقتصادي، يشكل المسار الصحيح لإنهاء الأزمة والوصول إلى حل سياسي يلبي تطلعات السوريين في الحفاظ على وحدة وسيادة بلدهم، ولكن ذلك يتطلب إرادة سياسية واضحة من قبل الدول المعرقلة، وواضح من خلال استمرار النظامين التركي والأميركي، وإلى جانبهما العدو الصيهوني، بشن المزيد من الاعتداءات على الأراضي السورية، إن تلك الأطراف ليس بواردها التخلي عن أطماعها الاستعمارية والتوسعية، فما زالت تراهن على الإرهاب والعدوان المباشر لمحاولة تحقيق أجنداتها العدوانية.