رفاعة الطهطاوي… ريادة العلم

الملحق الثقافي – سلام الفاضل:

«عليّ أن أحمل مشعل علم يجعلني مضيئاً لمن حولي، وأن أكون في مقدمة الساعين للتفوق والنبوغ».
بهذه العبارات وسواها كان رفاعة الطهطاوي يُحدّث نفسه كثيراً، فهو العلّامة والنابغة الذي ألّف وترجم عديداً من الكتب منها ما هو موجه للكبار، أو الأطفال، كما أنه افتتح جهود التعريب الأولى، حيث إنه واجه صعوبات كبرى، وقف خلالها وحيداً أمام اللغة الفرنسية التي كان عليه أن يجتهد في ترجمتها، وأن يبتدع، استناداً إلى جهده الشخصي، في مسألة المسميات والألفاظ والأساليب والاصطلاحات، إلى جانب ما عُرف عنه من عنايته بالعلم والتعليم، وتأسيسه عدداً من المدارس والصحف العربية.
وللإضاءة على السيرة الذاتية والعلمية لهذا الرجل النابغة الذي عاش في مصر، وامتدت آثاره الفكرية لتشمل أقطاراً عربية أخرى جاء الكتاب الشهري لليافعة الصادر ضمن سلسلة «أعلام ومبدعون» عن الهيئة العامة السورية للكتاب تحت عنوان (رفاعة الطهطاوي)، من تأليف الشاعر بيان الصفدي لتعريف القرّاء عامة، ولا سيما اليافعة منهم على حياة هذا المبدع العربي، ومنجزاته الإبداعية.
النشأة والولادة
ولد رفاعة الطهطاوي في عام ١٨٠١ في مدينة طهطا التابعة لمحافظة سوهاج لأب يعمل في تدريس العلوم الدينية والقراءة والكتابة والقضاء، وعلى الرغم من الفقر الذي مُني به إلا أنه لم يتقاعس عن تعليم ابنه – الذي أظهر قدرة كبيرة على الحفظ والفهم – القراءة والكتابة؛ فبرز الطهطاوي بين أقرانه متميزاً بالتفوق والجدية، وصار حلمُ الذهاب إلى القاهرة لمتابعة تحصيله العلمي في الأزهر الشريف، حلماً يراود مخيلته دائماً.
في عام ١٨١٧ التحق الطهطاوي بالأزهر الذي كان يُعدّ يومها من أهم المدارس التي تقدم العلوم الشرعية، ومنذ بدايات دراسته برز طالباً لامعاً يسأل، ويناقش، ويحفظ، ويستمع مما لفت نظر أحد أستاذته إليه، وهو الشيخ حسن العطار الذي لم ينسَ تلميذه المجدّ فعمل على ترشيحه لمرافقة البعثة العلمية التي تقرر ذهابها إلى فرنسا في عام ١٨٢٦ بصفة إمام لها.
في فرنسا
لم يتوقع أحدٌ أن يصبح إمام البعثة أحد أهم الطلاب فيها، غير أن هذا ما حدث حين وطئت البعثة أرض فرنسا، حيث شرع الطهطاوي، ومنذ الأيام الأولى له في مدينة باريس، إلى التعرّف على الناس هناك، وحياتهم، وعاداتهم، وعلومهم، ومعارفهم الأمر الذي جعله يحب هذه المدينة حباً صادقاً لما قدمته له من معرفة جديدة، فتحت عينيه على محاسن جمّة، سيكون لها أثرها البارز في إيقاظ بلاده من غفوتها الطويلة بعد قرون من الظلام؛ واستطاع إثر ذلك، وبعد سنة وثمانية أشهر من الدراسة في فرنسا، أن يبدأ في الترجمة، وأن يلفت الأنظار إليه لما امتاز به من قدرات كبيرة، وعُرف عنه من إصرار على الإفادة من وجوده في باريس، مما دفع والي مصر محمد علي إلى استقباله بكل ما يستحق من حفاوة، وتكريمه والثناء عليه، عند عودة البعثة العلمية إلى مصر أواخر عام ١٨٣١ بعد خمس سنوات قضتها في فرنسا.
في مصر
عمل الطهطاوي بعد عودته إلى مصر مترجماً في مدرسة الطب، ثم أنجز بعد ذلك أهم أثر خلّد ذكره، حيث أنشأ (مدرسة الألسن) عام ١٨٣٥، وهي أشبه بكلية لغات، مهمتها أن توفّر للدولة والمجتمع صلة حية بعلوم العصر وثقافته، كما أنه عمل كذلك على نشر الكتب التراثية في مطبعة بولاق، ودرّس في مدرسة المدفعية، لينتقل منها إلى تدريس الجغرافيا التي يحبها في المدرسة التجهيزية، وقد استمر على هذه الحال إلى أن كاد له بعض الحاسدين بعد نشره كتابه (تخليص الإبريز في تلخيص باريز) فأوغلوا صدر الخديوي عباس الذي أغلق مدرسة (دار الألسن)، وأرسل الطهطاوي إلى الخرطوم حتى استلام الخديوي سعيد حكم مصر، ليعود الطهطاوي إليها ويبقى فيها حتى وفاته في عام ١٨٧٣، وذلك بعد سنوات قضاها في تأليف وترجمة الكتب في التربية واللغة والتعليم والتاريخ، والتأسيس للتعليم العصري في مصر الذي يُعدّ عمله الأبرز، إضافة إلى نشر الفكر المستنير، الذي اتخذ في سبيل نشره وتحقيقه كل الخطوات اللازمة إلى ذلك.

العدد 1101 -28-6-2022

آخر الأخبار
السفير الضحاك: عجز مجلس الأمن يشجع “إسرائيل” على مواصلة اعتداءاتها الوحشية على دول المنطقة وشعوبها نيبينزيا: إحباط واشنطن وقف الحرب في غزة يجعلها مسؤولة عن مقتل الأبرياء 66 شهيداً وأكثر من مئة مصاب بمجزرة جديدة للاحتلال في جباليا استشهاد شاب برصاص الاحتلال في نابلس معبر جديدة يابوس لا يزال متوقفاً.. و وزارة الاقتصاد تفوض الجمارك بتعديل جمرك التخليص السبت القادم… ورشة عمل حول واقع سوق التمويل للمشروعات متناهية الصغر والصغيرة وآفاق تطويرها مدير "التجارة الداخلية" بالقنيطرة: تعزيز التشاركية مع جميع الفعاليات ٢٧ بحثاً علمياً بانتظار الدعم في صندوق دعم البحث العلمي الجلالي يطلب من وزارة التجارة الداخلية تقديم رؤيتها حول تطوير عمل السورية للتجارة نيكاراغوا تدين العدوان الإسرائيلي على مدينة تدمر السورية جامعة دمشق في النسخة الأولى لتصنيف العلوم المتعدد صباغ يلتقي قاليباف في طهران انخفاض المستوى المعيشي لغالبية الأسر أدى إلى مزيد من الاستقالات التحكيم في فض النزاعات الجمركية وشروط خاصة للنظر في القضايا المعروضة جمعية مكاتب السياحة: القرارات المفاجئة تعوق عمل المؤسسات السياحية الأمم المتحدة تجدد رفضها فرض”إسرائيل” قوانينها وإدارتها على الجولان السوري المحتل انطلقت اليوم في ريف دمشق.. 5 لجان تدرس مراسيم و قوانين التجارة الداخلية وتقدم نتائجها خلال شهر مجلس الشعب يقر ثلاثة مشروعات قوانين تتعلق بالتربية والتعليم والقضاء المقاومة اللبنانية تستهدف تجمعات لقوات العدو في عدة مواقع ومستوطنات “اللغة العربيّة وأثرها في تعزيز الهويّة الوطنيّة الجامعة”.. ندوة في كلية التربية الرابعة بالقنيطرة