محمد النعاس.. الفائز بالبوكر: نسجت روايتي من جملة واحدة

الملحق الثقافي:

اختلفت الآراء حول الرواية التي فازت بجائزة البوكر العربية لهذا العام, حبر كثير أريق وسوف يراق ما بين مرحب ومعارض, قراءات شتى حولها ولكن ما الذي يقوله مؤلف الرواية أخبار لأدب المصرية حاورته, وكوننا نقدم مادة ورأياً نقدياً عن الرواية, رأينا أن ننقل بعضاً مما جاء في حوار المؤلف وقد أجراه: محمد سرساوى.
لمع اسم الأديب الليبي محمد النعاس كنجم فى سماء الثقافة العربية خلال الأسابيع الأخيرة بمناسبة حصوله على جائزة البوكر العالمية للرواية العربية عن نصه الرائع «خبز على طاولة الخال ميلاد»، وقد تمكن الأديب الشاب -الذي لم يتجاوز الثانية والثلاثين من عمره- في أولى رواياته أن يُحوِّل المثل الشعبى الليبي «عيلة وخالها ميلاد».
وتعد مقولة عن الرجل الذي لا يملك السيطرة على نسائه- إلى حالة رجل اسمه «ميلاد» يعمل خبازًا، ونجد النعاس، قد ابتكر هذه الشخصية لتعبر عن روح ليبيا منذ السبعينات حتى مطلع الألفية عبر عالم الشخصية الرئيسية الذي يضم شخصيات جرى تصميمها، لتكون مرآة للحياة الليبية، وقد خَصَّ النعاس بهذا الحوار المطول جريدة «الأخبار» حول روايته الفائزة -الصادرة عن داري المسكلياني/ دار رشم للنشر- عبر السطور التالية:
لماذا اخترت هذا المثل الشعبي بالتحديد كمحور لأحداث روايتك؟
-لماذا نفعل كل ما نفعله؟ لا أظنّ أنني اخترت المثل، بل هو من فعل ذلك.. هو مثل مثير للاهتمام، أولًا لأنّه فريد من نوعه، فرغم أنّ ثقافتنا العربية زاخرة بالأشكال الإنسانية، وبتعريفاتها للرجولة إلا أنّه لا وجود لمثل أو مقولة شبيهة بمثل «عيلة وخالها ميلاد» على حدّ علمي لا في الثقافة الليبية أو العربية بصفة عامة، قد توجد تعبيرات مشابهة له، لكنها لا تصل إلى قوته، سواء اللغوية بكم السخرية اللاذعة التي يحملها، أو الاجتماعية بكم الرقابة التي يمارسها على الفرد، كل رجل فى ليبيا هو «خال ميلاد» مؤجّل.
لذا، كان من الطبيعي أن يكون محورًا للرواية، ذكرتُ مسبقًا في مقال لي كتبته بعد كتابة الرواية، كما ذكرتُ في لقاءات أنّ الصورة التى يقدمها المثل هي صورة مضادة للرجل المتعارف عليه في مجتمعي الليبي على الأقل، هو مثل وحيد داخل مجموعة من الأمثال الليبية التى تحتفي بالرجل المغامر، الرجل المسيطر، الرجل المحارب، الرجل الذي لا يعيبه شيءٌ، الرجل الميّت أحيانًا.
لا وجود لتعبير شعبي مُتفق عليه في المجتمع الليبي يُشابه هذا المثل، إذن…هو وحيد وحدة شخصيته المحورية «الخال ميلاد»، وهو إذن بالنسبة إليَّ، جديرٌ بتتبعه وتشريحه والحوار معه.. ألا يعد ذلك تحديًا جميلًا؟ بلى.. أن تنسج عالمًا من جملة واحدة لا تتعدى كلماتها الرئيسية ثلاثًا، هو أجمل تحدٍ يُمكن للمرء أن يحظى به.
هل تتحدث روايتك عن مفهوم الرجولة في العالم الثالث، أم رصد لحياة الشخص الطيب أو الضعيف، أم توثيق لحياة الليبين فى فترة الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي؟
-هي تتحدث عن كل ذلك ويزيد، إنّ الرواية هى بناء متكامل سينهار إن قررنا أن نختار منه صورة واحدة، أو إن حملناه ما لا يحمل، فما مَرَّ به الليبيون فى عقودٍ أربعة من السبعينيات حتى نهاية العشرية الأولى من ألفيتنا هذه هو ما شَكَّل شخصيات الرواية، بدءًا من «بطلها» إلى الجميع.
وشخصية ميلاد نفسها و «طيبته» أو «سذاجته» هى ما جعلته يرتكب كل ما ارتكبه، مفهوم الرجولة هو الموضوع الرئيسي، إلا أنّها أيضًا تحمل على متنها ما مرّ به عمّالٌ عرب داخل بلدنا، رواية التحولات الاجتماعية والاقتصادية لبلدي، رواية تحمل أيضًا همّ نساءٍ ليبياتٍ لا يعترف الكثيرون الآن بوجودهن صحبتنا.
وكأنّ على المرأة والرجل أن يكونا على صورة واحدة لا تتغير.. هى رواية تحمل الذوق الموسيقي لجيل بأكمله، أتعابه ومعاناته وما مرّ به أبناؤه.. جيل سبق جيلي، وتربى وتعلم وشَبَّ وعجز عن الحياة في فترة سياسية واحدة.. إذن، هي أيضًا رواية سياسية رغم اختباء السياسة فيها وتنكر بطل الرواية للمضي قدمًا في الكثير من الأحاديث السياسية وصورته التي رسمها للأخ القائد، هي رواية درامية وساخرة وكوميدية وجادة في آنٍ واحد.
وصف والد ميلاد أن صناعة الخبز تشبه الحياة، فكيف تكون الحياة كالخبز؟
-في البدء، يمكن تشبيه الحياة بأي شيء، وبأية مهنة أحببت، هي «ديمقراطية» إلى ذلك الحد، ولكن للخبز سطوة على الحضارة البشرية تتعدى ما عناه الحاج مختار، يعد اكتشاف الخَميرة وتأثيرها على القمح المطحون ثورةً لا تضاهي ثورة فى حضارتنا البشرية، إذ أشعلت نهم الإنسان نحو الزراعة.
وبهذا يكون الخبز لا كالحياة فقط، بل الحياة بحد ذاتها، الخبز نفسه، مكوناته وطريقة صنعة تشبه صناعة الإنسان، لأنّه يبدأ نطفةً (دقيق) ويتحول مع الزمن بعد تدخل مكوّن الحياة فيه (الخميرة) إلى جنين يكبر ويتنفس ويتعلم كيف يتحرك في زمانه ومكانه حتى يخرج في النهاية كاملًا أو محروقًا أو فاسدًا أو قد لا يخرج البتّة.
الرواية تمتلئ بتجليات الثقافة الشعبية سواء في الأغاني وأفلام الفيديو المهربة، وأبطال الملاكمة، ما سبب اختيارك لتلك الفئات؟
-كل ما حضر في الرواية هو ذاكرة جيل بأكمله، الجيل الذي وُلِد نهاية الستينيات وبداية السبعينيات، جيل عاش فترة الجماهيرية الليبية بكامل عنفوانها منذ طفولته، له أذنه الموسيقية التي لا يملكها جيل قبله أو بعده، له ذوقه في الأفلام والرياضات التي يحب وله كذلك حياة مختلفة عن غيره.
وبما أنّ بطل القصة ينتمي إلى ذلك الجيل، كان من الطبيعي أن أدمج هُوية جيله الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية وأصهرها فيه، إذ أنّه يعبر عنهم، وهو جزء منهم، وعاش معهم وبهم، لا أحد -في ليبيا على الأقل- يمكنه أن ينكر أنّ ميلاد هو ابن جيل السبعينيات، إذ سيجد أبناء ذلك الجيل أنفسهم فيه.
وسيجد كل ليبي ذلك حسب ظنّي.. وبهذا يمتلك ميلاد ليبيته وتمتلك الرواية ليبيتها، وتصبح معبرة عن وطن بأكمله، وهذا دور الأدب حسب ظنّي، أن يحمل المحلّى -بأي شكلٍ كان-

العدد 1101 -28-6-2022

آخر الأخبار
السفير الضحاك: عجز مجلس الأمن يشجع “إسرائيل” على مواصلة اعتداءاتها الوحشية على دول المنطقة وشعوبها نيبينزيا: إحباط واشنطن وقف الحرب في غزة يجعلها مسؤولة عن مقتل الأبرياء 66 شهيداً وأكثر من مئة مصاب بمجزرة جديدة للاحتلال في جباليا استشهاد شاب برصاص الاحتلال في نابلس معبر جديدة يابوس لا يزال متوقفاً.. و وزارة الاقتصاد تفوض الجمارك بتعديل جمرك التخليص السبت القادم… ورشة عمل حول واقع سوق التمويل للمشروعات متناهية الصغر والصغيرة وآفاق تطويرها مدير "التجارة الداخلية" بالقنيطرة: تعزيز التشاركية مع جميع الفعاليات ٢٧ بحثاً علمياً بانتظار الدعم في صندوق دعم البحث العلمي الجلالي يطلب من وزارة التجارة الداخلية تقديم رؤيتها حول تطوير عمل السورية للتجارة نيكاراغوا تدين العدوان الإسرائيلي على مدينة تدمر السورية جامعة دمشق في النسخة الأولى لتصنيف العلوم المتعدد صباغ يلتقي قاليباف في طهران انخفاض المستوى المعيشي لغالبية الأسر أدى إلى مزيد من الاستقالات التحكيم في فض النزاعات الجمركية وشروط خاصة للنظر في القضايا المعروضة جمعية مكاتب السياحة: القرارات المفاجئة تعوق عمل المؤسسات السياحية الأمم المتحدة تجدد رفضها فرض”إسرائيل” قوانينها وإدارتها على الجولان السوري المحتل انطلقت اليوم في ريف دمشق.. 5 لجان تدرس مراسيم و قوانين التجارة الداخلية وتقدم نتائجها خلال شهر مجلس الشعب يقر ثلاثة مشروعات قوانين تتعلق بالتربية والتعليم والقضاء المقاومة اللبنانية تستهدف تجمعات لقوات العدو في عدة مواقع ومستوطنات “اللغة العربيّة وأثرها في تعزيز الهويّة الوطنيّة الجامعة”.. ندوة في كلية التربية الرابعة بالقنيطرة