الملحق الثقافي- علم عبد اللطيف:
عن الرواية التي نالت البوكر، (خبز على طاولة الخال).. للكاتب الليبي محمد النعاس، يمكن القول: إنها رواية ناجحة بموضوعها وأسلوبها، خفيفة الظل بصفحاتها ومباشرتها..
لكن أيضاً يتوجب القول: إن هذه الرواية التي نالت أرفع جائزة أدبية، قد شهدت ليلة السعد..
لا نعرف بالتأكيد بقية النصوص التي تخطتها الرواية، فقط رواية (المئذنة البيضاء) للكاتب السوري يعرب العيسى كما أذكر، وردت في القائمة الطويلة، ليتم استبعادها بعد ذلك من المسابقة.
لا يجوز النيل من قيمة الروايتين بشكل متسرع، لكن وللحقيقة والتاريخ. إن جائزة البوكر تسفّ لدرجة كبيرة عند اختيار روايات بسيطة وساذجة أحياناً، كهذه الرواية، وغير متعوب عليها، حتى أنها لم تحظ بمراجعة لغوية ونحوية.
رواية الأديب النعاس، إضافة لكونها لم تشكّل اختراقاً أدبياً أو فكرياً أو ثقافياً ولا حتى ابداعياً، ولا ينتمي فضاؤها الروائي الى مفصل اجتماعي او تاريخي مهم، فهي لا تقدم عنصر الأدبية الذي يجب أن تتضمنه الكتابة عموماً، والرواية بشكل خاص، فلغتها فقيرة، وهناك فعلاً أخطاء لغوية ونحوية فيها، قد يقولون. هذا هو الموجود، لكن اليس هناك حقيقة روايات غيرها مهمة وكثيرة تستحق الجائزة.
وإذا كان الشيء بالشيء يذكر، فإننا نعود الى كاتب عربي آخر نال جائزة البوكر. هو أمين معلوف، على روايته (صخرة طانيوس). وإن كانت روايته الفائزة بالجائزة قد كتبت بالفرنسية، ثم ترجمت الى العربية، لكن المعلوف عربي لبناني، وينتمي الفضاء الروائي إلى البيئة العربية بامتياز، لبنان، لا بأس.. لكننا نقول :ان (صخرة طانيوس) ليست أفضل روايات معلوف، خصوصاً تلك التي سبقتها بالصدور، إذن المسألة تستحق التوقف عندها قليلاً.
امين المعلوف في روايته التي نالت جائزة البوكر، يفصح عن خط دقيق في مشروعه الثقافي والسياسي، يتعلق بقضية الصراع مع إسرائيل، واذن يمكن ان نسحب هذا الاعتبار على رواية محمد النعاس الأخيرة، ونستقصي الدلالة ذاتها.
في رواية (خبز على طاولة الخال).. الفائزة بالجائزة، نلحظ سياقاً يبدو للمتتبع الحصيف مقحماً في النص الروائي، ويبدو كما لو أنه تم إلصاقه عمدا لغاية ما، لجهة أهميته، أو طبيعة السياق الروائي الذي يؤول الى وضع هو تحصيل حاصل، فما هو هذا السياق؟
الشخصية الروائية (ميلاد) ، في شهر العسل، يقوم برحلة الى بلد عربي مجاور، ويقيم في نزل، يقدم الكاتب شخصية صاحب النزل من خلال هويته الدينية، نعم، هكذا بكل وضوح، فصاحب النزل ينتمي الى الديانة اليهودية، ولا يغفل الكاتب بتقديم هذه الشخصية الرائعة والأخلاقية لجهة الكرم والتسامح وما الى ذلك، وحقيقة اننا لا نعترض على وجود شخصيات لها انتماؤها الديني المختلف عن البعض الآخر، فهذا أمر طبيعي في القص الروائي، لكن يجب أن نفهم لماذا، ما هو مبرره الفني في النص، واذا كان الجواب يشي بالسلب هنا، فإننا نكون قد وضعنا اصبعنا على جواب للتساؤل الأولي حول احقية الرواية بالجائزة مع تواضعها فنيا، ونكون أيضاً قد أعملنا ذات الدلالة فيما يتعلق برواية المعلوف صخرة طانيوس. هل يكون هذا الوضع له علاقة بالفوز بالجائزة.. اتمنى حقيقة أن أكون مخطئاً، ان اكون مخطئاً..
السؤال يتعلق ربما بدور النشر التي ترشّح العمل، وعموماً.. الحالة ليست على ما يرام من حيث الدقة والأمانة الأدبية، كما يبدو لنا..
خبز على طاولة الخال، رواية ناجحة. لكنها ليست بمستوى البوكر كما نرى.. وان تقصي حالات التفرد فيها، تفضي للقول إنها خلو من كلّ ما يتعلق بذلك،
العدد 1101 -28-6-2022