أيام قليلة تفصلنا عن عيد الأضحى المبارك، ورغم ذلك بدت الأسواق في أغلبها خاوية من الزبائن وسط توقعات محبطة ومخاوف التجار والباعة من خسائر كبيرة كانوا قد رسموا عنها صورة مختلفة مع قدوم العيد.
الصورة النمطية التي نراها اليوم هي تجول لنسبة قليلة من الناس في الأسواق ومعاينة البضاعة مع حالات شراء قليلة جداً لا تتناسب مع حجم المناسبة وأهميتها والتي كان لها حساباتها المعنوية والمادية الكبيرة لدى الأسرة السورية، ولم يعد الأسبوع الذي يسبق العيد محط بهجة للأطفال وما ينتظرونه من شراء الملابس الجديدة والحلويات والإكسسوارات والألعاب وغيرها من مظاهر البهجة التي تجعل من هذه الأيام محطة فرح وسعادة يحتفل بها الناس كل عام.
يبدو الأمر غير مختلف لأصحاب المحلات والباعة الذين كانوا يجدون الأيام التي تسبق العيد فرصة لتصريف أكبر قدر ممكن من البضاعة التي عملوا على تحضيرها قبل أشهر استعداداً لهذه المناسبة. كما أن المشهد بالنسبة لهم واضح في ظل هذا الشح على القدرة الشرائية، أنهم لم يعوضوا خسائرهم التي تكبدوها على مدار الأشهر السابقة بفعل قلة الحركة الشرائية.
لاشك أن هذا العزوف عن الشراء ليس سببه عدم رغبة الناس في تحقيق السعادة لأولادهم ولأنفسهم .. أو لأنهم يملكون ما يكفيهم من حاجيات للعيد.. والسبب بات معروفاً للجميع، فهو الضعف الشديد في القدرة الشرائية لدى أغلبية شرائح المجتمع وخاصة الموظفين، فالراتب في أحسن حالاته لن يشتري ملابس لأكثر من شخص واحد في المنزل ولن يكفي لشراء أي نوع من حلويات السوق ولا أي نوع من شراء الأساسيات، هناك عشرات الأسر بحسب تقرير الأخيرة لهيئة الأمم المتحدة للسكان حول سورية، أصبحوا تحت خط الفقر.. فليس غريباً أن يخيم الركود على الأسواق في ظل ضعف الدخل والعوز المادي اللذين ينتشران بشكل قياسي بين صفوف الناس.
هذه الأوضاع الاقتصادية الصعبة تزداد سوءاً مع مرور الأيام في ظل الحصار الاقتصادي الجائر وما رافقه من تداعيات سنوات الحرب القاسية، لكننا بالوقت نفسه لا يمكننا إغفال الجانب المتعلق بالفساد وغياب الخطط الإستراتيجية لإنقاذ الناس من الفقر المدقع. والارتفاع الكبير في الأسعار الذي يواصل مسيرته في التحليق المتصاعد بطريقة لم نشهد لها مثيلاً في التاريخ القريب حتى أصبحت العائلات المستورة اليوم غير قادرة على شراء الاحتياجات الضرورية.
أكثر ما يمكن وصفه الآن أننا نستقبل العيد بنكهة الأزمات وارتفاع نسب البطالة وانتشار الفقر وضعف في الخطط العلاجية في أغلبية القطاعات وتدهور القدرة الشرائية والاستغناء ليس فقط عن ملابس العيد أو الحلويات بل عن الحاجيات الضرورية التي يسعى المواطن إلى تدبيرها بصعوبة كبيرة أمام الشكوى ذاتها.. ارتفاع الأسعار وقلة الحيلة.