الثورة – لجينة سلامة:
تشير (لغة التواصل غير العنيف) إلى الهشاشة التي تحكم أغلب العلاقات الأسرية والوالدية والزوجية والاجتماعية بكافة شرائحها وتكشف الفجوة العميقة ذات الأثر السلبي على أطراف العلاقات. وهو ما يتسبب بالابتعاد عن الشفقة والعطف والرحمة والتعاطف وتأخذهم إلى ممارسات العنف والعصبية والحقد والاستغلال والاحتقار .
و هذا ما نلمسه في مشاهدات و ممارسات العنف والتنمر في البيوت والمدارس وغيرها .
ونحن هنا لا نتحدث على المستوى المحلي فقط وانما العربي والعالمي ايضا.
وكل شيء بات واضحا ومقروءاً ومسموعاً للجميع في اي بقعة في هذا العالم فلقد أصبح العنف والقتل و الإساءة من المشاكل الأسرية ومن يومياتنا والخوف من ان تصبح مشاهدات مقبولة ومعتادة.
من هنا تأتي أهمية التركيز على لغة التواصل النبيل وغير العنيف بين كافة الأطراف حتى الأعداء إلى حد ما للتقليل من العدائية والعصبية والتطرف الذي ليس له حدود والتجاوز والتعدي والتسلط والتنمر..
(اجعل حياتك وعلاقتك وعالمك منسجمة مع قيمك).
في محاضرتها بثقافي الشيخ بدر في طرطوس تناولت الآنسة لبانة اسماعيل موضوعا غاية في الأهمية تحت عنوان (لغة التواصل غير العنيف) وأغنت أفكارها بالاستناد إلى كتاب الدكتور مارشال .بي .روزنبرج (لغة التواصل غير العنيف ..لغة الحياة). تحدثت بداية عن مفهوم التواصل بعيدا عن العنف وكيف نتقبّل الآخر ونقدّره وكيف نجيد الإصغاء والاستماع باهتمام ومحبة أيا يكن الطرف الآخر وكيف يحكم هذا التواصل علاقاتنا التي تعودنا فيها ان نتكلم لا أن نتواصل وهو ماأودى بنا للفشل والتعاسة الشخصية والاجتماعبة التي كان بالإمكان تجاوزها .لهذا كانت لغة التواصل غير العنيف لغة فعّالة للتعبير عن مكنونات العقل والقلب معا ببساطة وسلاسة ،دون تعقيد أو تكلف وتطبيق هذه اللغة في الوقت المناسب وبالأخص في لحظات الانفعال المثيرة للتحدي.
وعلى هذا النحو، تكمل الآنسة لبانة ، تغير هذه اللغة النبيلة طريقة ارتباط الآباء بالأبناء والمدرسين بالطلاب وارتباطنا جميعا ببعضنا البعض وحتى بأنفسنا .وهذا مايفضي إلى أجواء السلام والطمأنينة والتعاطف والمساندة، والتي تدعمها المقومات الأربعة لنموذج التواصل غير العنيف التي تساعد في الوصول إلى رغبة متبادلة في العطاء من القلب والتي تشمل على الملاحظة والمشاعر والحاجات والطلب الصريح
*العطاء من القلب جوهر التواصل غير العنيف:
قد يكون هذا العنوان الفرعي المقتبس من الكتاب اختصارا غنيّا لمشاكل التواصل المعيق للتعاطف والتي تشمل الأحكام الأخلاقية و عقد المقارنات وإنكار المسؤولية ، حيث يقول روزنبرج: ( ماأريده في حياتي هو التعاطف، تيار بيني وبين الآخرين يقوم على العطاء المتبادل من القلب).
وعلى هذا الأساس تنّوّه المحاضِرة إلى أن لغة التواصل هذه تجعلنا نعطي من القلب وبشكل يحافظ على إنسانيتنا عند التعرض لظروف شاقة وقاسية .فنمتلك المهارة على عدم الإساءة والإيذاء بحق الآخرين لأن هذا بالضرورة سيؤدي إلى نتائج سلبية لكلا الطرفين .فلغة الحياة هذه ليست بالشيء الجديد على الإنسان لكن القصد منها التذكير دائما ومجددا بما يمكن أن يبقينا بشرا ونمتلك الطريقة للتواصل غير العنيف لنكون قادرين على إعادة صياغة أسلوبنا في التعبير عن أنفسنا والإصغاء للآخرين وبدلا من أن تأتي كلماتنا كردود أفعال تلقائية معتادة تصبح تلك الكلمات استجابات واعية تعتمد بقوة على إدراكنا لما نلاحظه ونشعر به ونريده. وبالتالي سوف يكون باستطاعتنا التعبير عن أنفسنا بصدق وبوضوح بينما نمنح الآخرين في نفس الوقت الاهتمام الذي يغلفه التعاطف والاحترام في اي تفاعل وسنتمكن من الإصغاء لاحتياجاتنا واحتياجات الآخرين .قد تبدو للآخر هذه اللغة بسيطة وسهلة لكنها تحدث تغييرا لا يمكن تجاهله او تغافله.
لغة التواصل الرحيم:
وتختم الآنسة اسماعيل المحاضرة بالتركيز على أنه بإمكاننا جميعا امتلاك مهارات هذه اللغة لغة الحياة والتي لاتكلفنا المال ولا المجهود ولاقطع المسافات.علينا فقط بإيقاظ إنسانيتنا والمشاعر الإيجابية البنّاءة ومشاعر التعاطف الطبيعية الموجودة داخلنا والتي علينا العمل لإحيائها أيا كانت الظروف ومهما اشتدت صعوبتها.وهو مايساهم بنمو تلك المشاعر النبيلة وازدهارها بشكل يعيد صياغة طريقة ارتباطنا وعلاقاتنا مع الآخرين. فنجيد التعبير عن أنفسنا والإصغاء أيضا للآخرين من خلال التركيز على الجوانب الأربعة : وهي مانلاحظه ومانشعر به ومانحتاجه ومانطلبه من أجل حياة لها قيمتها وفيها نكون نحن إنسانيون بلا عنف ولا تنمر أو تهكم.
