في كل مرة يعقد فيها مجلس الأمن الدولي جلسة جديدة تخصص للبحث والتفاوض حول تمديد ما يسمى (آلية إدخال مساعدات إنسانية)، سرعان ما تنبري الدول الغربية لتركيز اهتمامها على تمديد هذه الآلية ضمن شروط مفصلة على مقاس الأجندة الأميركية لمواصلة استهداف الدولة السورية، من دون الاكتراث لمعاناة السوريين ومآسيهم جراء الحرب الإرهابية المتواصلة بأشكال وعناوين مختلفة.
خلال الجلسة الأخيرة للمجلس، استخدمت روسيا حق النقض “الفيتو” ضد مشروع قرار غربي لتمديد مفاعيل القرار 2585 الذي تبناه المجلس في التاسع من تموز الماضي بشأن إيصال المساعدات إلى سورية عبر الحدود مع تركيا لمدة عام، واستخدام “الفيتو” كان له ما يبرره، كون مشروع القرار الغربي اعتمد على التسييس وتشويه الحقائق، وتجاهل مصلحة الشعب السوري، إذ لا يحقق أي استجابة حقيقية للاحتياجات الإنسانية، ولا يضمن بالمطلق عدم وقوع المساعدات الإنسانية القادمة عبر الحدود في أيدي التنظيمات الإرهابية، وهو الأمر الذي يحصل في كل مرة يتم التوافق خلالها على تمديد هذه الآلية.
من خلال التجارب السابقة اتضح أن”المساعدات” المرسلة عبر الحدود، كانت تستهدف بمجملها التنظيمات الإرهابية، وغالباً ما تتضمن أسلحة وعتاداً للإرهابيين تحت ستار “المساعدات الإنسانية”، لاسيما أن المنظمات الدولية تستخدم معبر باب الهوى بريف إدلب، وهذا المعبر يسيطر عليه تنظيم “جبهة النصرة” المدرج على لائحة الإرهاب الدولية، ورغم ذلك فإن تلك المنظمات تتعامل مع هذا التنظيم الإرهابي، وتمنحه مسؤولية تسلم تلك “المساعدات” والإشراف على توزيعها، وهذا يطرح الكثير من علامات الريبة والشك، حول دور تلك المنظمات في رعاية التنظيمات الإرهابية.
ما يسمى “آلية إدخال المساعدات عبر الحدود”، والتي غالباً ما تصفها الدول الغربية زوراً وبهتاناً بأنها ” شريان منقذ للحياة”، هي في الواقع شريان منقذ للتنظيمات الإرهابية التي ترعاها الولايات المتحدة، وتقدم لها كل لوازم الديمومة والبقاء لإطالة أمد الأزمة، والكثير من الأخبار الموثقة كانت قد كشفت خلال الفترات الماضية أن متزعمي إرهابيي “النصرة” يستثمرون مئات ملايين الدولارات في تركيا، جمعوها من خلال استيلائهم على المساعدات الإنسانية وبيعها في السوق السوداء، الأمر الذي يؤكد مجدداً حقيقة الأهداف الأميركية والغربية من وراء استغلال آلية إيصال المساعدات الإنسانية عبر الحدود لتكريس وقائع جديدة على الأرض، تخدم مصالح واشنطن وأجنداتها المعادية لسورية ولسيادتها ووحدة وسلامة أراضيها من جهة، ولضمان وصول تلك “المساعدات” إلى التنظيمات الإرهابية، والميليشيات الانفصالية من جهة ثانية
