الثورة – ترجمة غادة سلامة:
كيف نفهم بدء الولايات المتحدة جبهة عسكرية في أوكرانيا ضد روسيا؟ الحقيقة الواضحة المتمثلة في الواقع، فإن الولايات المتحدة وراء تمهيد الطريق لاندلاع الحرب في أوكرانيا، هذا بسبب سعيها الدؤوب لتوسيع الناتو، لدرجة أنه كان على وشك إضافة أوكرانيا إليه.
بعد الانقلاب في أوكرانيا عام 2014، أرادت الولايات المتحدة تغيير الحكومة الأوكرانية الصديقة لروسيا، من خلال تسليح النظام الجديد الموالي لها بشكل خطير، كما أظهرت الحرب.
وهذا يمثل تهديداً مباشراً للأمن القومي الروسي على أعلى مستوى، ما يعني أن الولايات المتحدة أجبرت روسيا على الحرب، تجلى ذلك في كل الخطوات التي اتخذتها لتصعيد الحرب وليس إيجاد حل لتهدئتها، أو للتوصل إلى تفاهم بين روسيا وأوكرانيا لوقف الحرب.
مارست الولايات المتحدة كل وسائل الضغط على أوروبا لإشراكها في الحرب، من خلال تسليح الجيش الأوكراني ودعم زيلينسكي.
لذلك، توقع العديد من كبار المحللين تكرار الحرب الباردة ضد روسيا والصين، على غرار نفس الوضع في السنوات التي سبقت اندلاع الحرب في أوكرانيا، لكن اعتماداً على ما نشهده الآن، في تصعيد المواجهة العسكرية في أوكرانيا، يعني أن هناك استراتيجية جديدة تستخدم الحرب من دون الوصول إلى المستوى النووي.
إذا كان هذا الاستنتاج صحيحاً، فهذا يعني أن العالم قد دخل في مرحلة من الحروب العالمية التي هي دون المستوى النووي بين القوى الكبرى، وربما أقل من شمولية الحربين العالميتين الأولى والثانية.
في الوقت نفسه، يُلاحظ من خلال متابعة السياسات الأوروبية والاستعدادات لعقد مؤتمر مجموعة السبع في 24-26 آب، أن هذه السياسات بدورها تميل إلى تصعيد الوضع العسكري في أوكرانيا، وعسكرة أوروبا مرة أخرى، بدلاً من محاولة – كما توقع كثيرون – تهدئة الحرب في أوكرانيا، حتى الآن، تسببت الحرب في الكثير من الخسائر الاقتصادية والأزمات الاجتماعية في أوروبا.
أما بالنسبة لأوروبا، فالسؤال الآخر: هل دخلت بدورها في إ
استراتيجية متكاملة جديدة، أم موازية للاستراتيجية الأمريكية، تواجه تناقضاتها مع كل من روسيا والصين؟.
كانت هناك، بالفعل، بعض الإشارات الصادرة عن ألمانيا وفرنسا، والتي كانت تميل إلى إيجاد حل للتصعيد العسكري والبحث عن حل بين أوكرانيا وروسيا، لكن هذا سار جنباً إلى جنب مع دعمهما العسكري لأوكرانيا وحكومتها النازية.
وبناءً على ذلك، يمكننا القول إن كلاً من ألمانيا وفرنسا (أوروبا بشكل عام) يسيران على نفس المسار الذي بدأت الولايات المتحدة ترسمه، وهذا يعني أن جميع الحسابات التي استندت إلى حساب المكاسب والخسائر الاقتصادية الأوروبية، في مؤتمر مجموعة السبع في 28 حزيران الماضي 2022، أصبحت خاضعة لاستراتيجية الحرب.
ما تبقى الآن هو استكمال التفسير: لماذا هذا التحول في الاستراتيجية الأمريكية نحو حروب دون المستوى النووي، كبديل لاستراتيجية الحرب الباردة، أو ما شابهها.
الجواب هو أن الحرب الباردة كان لها سمتان رئيسيتان: أولاً، سباق التسلح، والثاني، السباق الاقتصادي والعلمي والمالي والسياسي.
لذا أصبح السباق الثاني هو الأهم والأكثر حسماً، بعد استبعاد خيار الحرب العالمية بسبب تطوير الأسلحة النووية لدى الجانبين.
واليوم، تعتبر الصين منافساً بارزاً في هذا المجال الثاني (الاقتصاد، التطور العلمي والقدرات المالية)؛ إنه منافس على وشك أن يتفوق على الولايات المتحدة، وأدركت الولايات المتحدة أنه ليس لديها فرصة للتنافس مع الصين والدخول في حرب باردة تستمر عشرين أو ثلاثين سنة أخرى.
لذلك، وجدت الولايات المتحدة أن التناقض الحالي يجب حله من خلال استراتيجية عسكرية، والتي لا تقتصر على سباق التسلح والمنافسة السلمية، بل تأخذ نمط أوكرانيا، الذي يمكن تعميمه على نطاق أوسع لاحقاً.
وعليه، دعونا ننتظر عالماً مليئاً بالحروب العالمية بين القوى الكبرى بفضل استراتيجية الولايات المتحدة المتهورة والخبيثة، حتى من دون الوصول إلى المستوى النووي، إذا كان هذا العالم “محظوظاً”.. يا له من عالم مروع ينتظر البشرية.

السابق