الملحق الثقافي-سعاد زاهر:
حتى لو رحل أصحابه تبقى آثارهم، لو تمكنا من التقاط أجزاء منها، يعاد إليك التوازن، وهل أهم في الحياة من امتلاك التوازن في عز الخيبات وقسوة الأوضاع.
المنتج الإبداعي حينها يتحول إلى محفز على مقارعة الفراغ، وليكون فعل مقارنة يكشف أيقونة الخراب التي نصنع لها تمثالاً ليبقى مسيطراً، بينما كل الوجوه الإبداعية قادرة على مقاومة الصنم الفارع الذي نتمسك به وندوره على مختلف الأمكنة ليستمر تفريغ المعنى، وتسطيح العقل، بل وتهميش المنتج الإبداعي بمفهومه التقليدي الذي لا يمكن له أن يتوارى حتى لو طغت التطورات التكنولوجية، وسيطرت وبتنا مجرد متلقين تحت سطوتها.
مع كل هذه التغيرات التي عشناها مؤخراً، ومع تهميش النقد، وتغييب الفكر، وتغليب السطحي نتحول إلى ببغاء يقلد كل ما يرمى في وجوهنا باعتباره إبداعاً حديثاً، ولكن حين نرى النتائج وما يرافقها من تخريب وتسطيح وانعتاق كل ما هو جوهري وثمين لصالح الهشاشة، ندرك أن الإبداع منفي إلى أجل غير مسمى، ويستمر في غيابه كل من يستثمر في حالة تغييب الوعي في بث دعاياته المضادة، ويستمر التخريب….
ربما في الظروف الطبيعية تبدو الحاجة إلى الإبداع مهمة، لكنها في الظروف الاستثنائية حيث يكثر الناجون من حروبهم ويحاولوا التعايش مع أزماتهم المتفاقمة، لابد من إبداع يتوازى مع الإبداع الفكري والفني.
إبداع ينتج عن التعاطي مع هذه البيئة المهشمة، تبنى ملامحه كي تكون قادرة على تحقيق مصالح الذات الجمعية، لإنتاج كل ما هو قادرعلى انتشالنا من هذه البيئة حينها يكون للإبداع مسعى واقعي لا يقل أهمية عن مسعاه التحرري والفكري والتوعوي…
العدد 1103- 19-7-2022