يضطرب المشهد أكثر وأكثر، وتبدو أمواج التحولات والمفاجآت أقرب لأن تلتهم كل ما تبقى من حوامل الغطرسة والهيمنة الأميركية.
فالولايات المتحدة التي تتلقى الصفعة تلو الصفعة، والصدمة تلو الصدمة، لم تستطع خلال الأيام والأسابيع الماضية، وبرغم محاولاتها الحثيثة التي لا تزال حتى اللحظة متواصلة وبشراهة مفرطة، لم تستطع أن تصمد أمام المتغيرات والعواصف الجارفة التي أفقدتها توازنها، وإلى الحد الذي دفعها إلى أن تفتح إرهابها على كل الجبهات دفعة واحدة، في المنطقة وخارجها.
واشنطن أصبحت كمن يقارع طواحين الهواء، فهي لم تعد تركض خلف سراب أوهامها وطموحاتها الاستعمارية والاحتلالية فحسب، بل باتت تلهث وراء استعادة موقعها كقطب مهيمن يأمر ويتحكم بمصائر الدول والشعوب، – ولعل زيارة بايدن إلى المنطقة تندرج في هذا السياق -، فالعالم اليوم بات يرقب ولادة نظام عالمي جديد أكثر عدالة وتوازناً بعيداً عن الهيمنة والقطبية وسياسة الأمر الواقع التي تنتهجها الولايات المتحدة في كل دولة يسيل لعابها فيها لنهبها و نهشها وتقطيع أوصالها وقتل شعبها على مذبح الحريات والديمقراطيات والشعارات الرنانة والخادعة.
الأخطر في السلوك الأميركي أن أميركا لا تزال تتجاهل أن العالم بات بحاجة ماسة لنظام دولي جديد يصحح ويعالج ما ارتكبته طيلة العقود السبعة الماضية من أخطاء وخطايا بحق جميع الشعوب، بما فيها الشعب الأميركي، وهذا ما يتوجب عليها فهمه جيداً، ذلك أن استمرارها بذات الاستراتيجية -استراتيجية التصعيد والتوتير وإشعال الحرائق ودعم الإرهاب وإنتاجه وتصديره – سوف يجر العالم إلى أعتاب حرب عالمية جديدة يكون وقودها شعوب المنطقة والعالم، حرب قد تسرع بولادة نظام دولي دون مخاض.