على هامش نشاط ثقافي واجتماعي خاص بالشباب أسعدني حماسهم وتفاعلهم من خلال مداخلاتهم التي تركزت على ضرورة الاهتمام بجيل الشباب وتحصينه وتمكينه واستثمار طاقاته القوية في مختلف الميادين للمساعدة في إثبات دورهم الحقيقي في عملية البناء، أفرحني وعيهم وإدراكهم لما يريدون من الحياة ومن المجتمع ومن أنفسهم، ولم يكن ذلك مفاجئاً لي، وقد أثبت الشباب خلال سنوات الحرب الإرهابية على بلدنا تمتعهم بروح التحدي وبحس عالٍ بالمسؤولية بمشاركاتهم مع فعاليات الوطن كلها للتصدي للإرهاب، وكذلك تميزهم علمياً ورياضياً وفنياً وثقافياً في المحافل الدولية في ظروف تنافسية صعبة.
هؤلاء الشباب اليوم أثقلت تداعيات الحرب والحصار الاقتصادي الجائر كاهلهم بمسؤوليات وضغوطات وهموم حياتية متعددة ومتنوعة، كانت ومازالت مبررهم للتفكير بالهجرة.
والحجج لديهم مقنعة وواقعية وتختزن ذاكرتهم حكايات عن إحباطات شباب مختلفة وتبدو البطالة أهم أسبابها، حيث أصبح الحصول على وظيفة حلماً مؤرقاً يطارد الخريجين المتأججين حماساً واندفاعاً نحو العمل، من هنا كان الاستسلام لأحلام اليقظة ولاسيما السفر خارج حدود الوطن وغالباً ما تتمحور طموحاتهم حول الأفكار التي تحيكها بعض الدول ولاسيما الغربية عن طبيعة الحياة الآمنة والمستقبل الذي سيكون مزدهراً فيما لو قرر هؤلاء الإقامة فيها.
لن نخوض اليوم في مخاطر هجرة الشباب ونزيف الطاقات ولاعن الغربة وحنين الوطن وهو الأقوى والذي لايقبل أعذاراً، بل من واجبنا تسليط الضوء والتوعية من محاكاة شباب لتجارب غيرهم في الهجرة، محاطين بأفكار جميلة وردية عن المستقبل وآمال مزيفة وللأسف تسقط كل تصوراتهم المسبقة في حصولهم على المكانة الاجتماعية والمهنية التي تليق بتحصيلهم العلمي في الغربة ويضطرون للعمل في مهن لاتتناسب مع مؤهلاتهم، ويتمنى لو بقي في وطنه ولم يفكر حتى في السفر خارج حدوده.
وهنا يخطر في البال السؤال: بطالة الشباب هل هي انعدام فرصة عمل؟ أم أزمة مبادرة وتمكين؟ وتمكين الشباب هنا يعني أكثر من مجرد الرعاية والتدريب والتعليم وتأمين الخدمات المختلفة بل هو بناء الشخصية وتوسيع المدارك والإمكانات والوصول بالشاب إلى تعرف إمكاناته الذاتية الجسمية والعقلية بحيث تصبح الاستقلالية وتحمل المسؤوليات جزءاً من ممارسات الحياتية اليومية الحرة.
من الجدير ذكره أن اليوم العالمي لمهارات الشباب والذي صادف الخامس عشر من الشهرالحالي، الهدف منه إلقاء الضوء على المهارات اللازمة لتوظيف وريادة الأعمال للشباب.